للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الحافظ في «الفتح»: «والذي ذهب إليه الجمهور أن التمتع أن يجمع الشخص الواحد بين الحجّ والعمرة في سفر واحد في أشهر الحج في عام واحد وأن يُقَدِّمَ العمرة وألاّ يكون مكياً، فمتى اختل شرط من هذه الشروط لم يكن متمتعاً» (١).

النوع الثالث، الإفراد: وهو أن يُحرم من يريد الحجّ من الميقات بالحجّ وحده، لا عمرة معه، ويقول في التلبية: «لبيك بحجّ»، ويبقى محرماً حتى تنتهي أعمال الحج.

وأما الإحرام، فركن من أركان الحجّ لا يصحّ إلّا به، ودليله قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى .. » (٢) الحديث.

والإحرام: هو نية الدخول في النسك، والنسك هو الحج أو العمرة.

فإذا نويت في قلبك البدء بأعمال الحج والدخول في ذلك فقد أحرمت سواء قلت لبيك بحجة أو بعمرة أو لم تقل، فبمجرد أن عقدت ذلك في قلبك فقد حصل الإحرام، لكن يُستحب معه أن تُهل بذلك، فتقول: «لبيك بحج» أو «لبيك بعمرة» أو «لبيك بعمرة وحج».

والإحرام مأخوذ من التحريم، ومعنى أحرم: أي، دخل في الحرام، والمراد أنّه يدخل في التحريم، فإذا قلت أحرم بالحجّ أي دخل في تحريم ما يُحرَّم في الحجّ، كالجماع ولبس المخيط والطيب ونحو ذلك مما يَحرم على الحاجّ أو على المعتمر.

ومحل الإحرام القلب لأن النيّة محلها القلب، فإذا نوى بقلبه الدخول في الحج أو العمرة فقد أحرم.

ويُهل بالنسك الذي يريد، فيقول: «لبيك بحج» أو «بعمرة» أو «بعمرة وحجّ» حسب النسك الذي يريده.

والإهلال - وهو زائد على نية الدخول في النسك -: فهو رفع الصوت بالتلبية، ودليله ما أخرجه الشيخان عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث أنس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - «يُلَبّي بالحج والعمرة جميعاً» (٣)، وفي أحد ألفاظه قال: «كانوا يصرخون بذلك» (٤)، أي: يرفعون أصواتهم به.


(١) «فتح الباري» (٣/ ٤٣٥).
(٢) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).
(٣) أخرجه البخاري (١٥٥١)، ومسلم (١٢٣٢).
(٤) أخرجه البخاري (٢٩٥١).

<<  <   >  >>