فإذا كان هذا الذي يريد الحجّ من أهل مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإحرامه يكون من ذي الحليفة، وتسمى اليوم بآبار علي، وتبعد عن مكة أربعمائة وثلاثين كيلو (٤٣٠ كيلو)، وهي أبعد المواقيت عن مكة، فإذا وصل المدني الذي هو من أهل المدينة إلى ذي الحليفة يُحرم من هناك يتجرد من ملابسه ويلبس ملابس الإحرام ويُعد نفسه للإحرام، فيعقد نية الدخول في النسك ويقول: لبيك بحجة أو لبيك بعمرة أو لبيك بحجة وعمرة.
وإذا كان من أهل الشام - الأردن، فلسطين، سورية، لبنان -، فإحرامه من الجُحفة، وهي قرية بجانب رابغ، مدينة مشهورة معروفة تبعد عن مكة مائة وستة وثمانين كيلو (١٨٦ كيلو).
وإذا كان من أهل نجد - وهي المنطقة التي تشمل الرياض وما حولها-، فيُحرم من قرن المنازل - ويُقال لها أيضاً قرن الثعالب - ويُعرف اليوم بالسيل الكبير، ويبعد عن مكة خمسة وسبعين كيلو (٧٥ كيلو).
وإذا كان من أهل اليمن فيُحرم من يلملم، ويُقال لها ألملم، ويُقول لها أهلها اليوم لملم، وهو واد معروف هناك، فيه قرية تسمى السعدية تبعد عن مكة اثنين وتسعين كيلو (٩٢ كيلو)، وكان الطريق الرئيسي يمر بها ثم صار يمر بعيداً عنها، إلا أنّه يمر بنفس الوادي يلملم أيضاً وفي النقطة التي يمر الطريق الرئيس بوادي يلملم يكون بُعد الوادي عن مكة مائة وعشرين كيلو (١٢٠ كيلو)، وهو واد كبير جداً.
فالإحرام جائز من الطريق القديم الذي يمر بقرية السعدية وكذلك من الطريق الجديد، لأن كليهما يمر بالوادي، وادي يلملم.
وأمّا ذات عِرْق، والذي يسمى اليوم: الضريبة - وهذا الميقات لم يُذكر في الحديث الذي تقدم -، فهو ميقات أهل العراق، وقد اختلف العلماء هل تحديد هذا الميقات من النبي - صلى الله عليه وسلم - أم من عمر بن الخطاب؟
والنزاع بين أهل العلم في ذلك كبير، وعلى كل حال فهم مُجمعون على أنّه ميقات شرعي من مواقيت الحج.
وأما الرافضة فيُحرِمون من العقيق لا من ذات عرق، مخالفةً لعمر - رضي الله عنه -.
قال في الحديث:«هنَّ» أي هذه الأماكن «لهنَّ»، أي لأهل هذه البلدان، «ولمن أتى