للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: (ولا يأخذ من شعره ولا بشره إلا لعذر)

من شعره، أي شعر بدنه رأساً كان أو لحية أو غير ذلك.

ولا من بشره، كأظفاره مثلاً، والجلد أيضاً، فأخذ البشر ظاهر الجلد.

وتحريم الأخذ من الشعر أو من البشر على المُحرِم دليله حديث كعب بن عجرة في «الصحيحين» قال: «أتى عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - والقَمْل يتناثر على وجهي، فقال: «أيؤذيك هوامُ رأسك؟ » قال: قلت: نعم، قال: «فاحلق، وصُم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة» (١).

فكان كعب مُحرماً وكان القمل يتناثر على وجهه من كثرته في شعره، فسأله - صلى الله عليه وسلم - هل يؤذيك القمل؟ فلما قال نعم، أَذِنَ له النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يَحلِق رأسه فيُزيل شعره. لكن أمره بالفدية، مما يدلّ على أن حلق الشعر في الإحرام غير جائز، ومن فعل ذلك فعليه فدية.

الفدية هي التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «فاحلق، وصُم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكة»، وفي رواية أخرى، قال: «فأمرني بفدية من صيام أو صدقة أو نسك ما تيسر» (٢) أي، ما تيسر من هذه الثلاث، فهو مُخير بين هذه الثلاث، وفي رواية أخرى قال: «ففيّ نزلت هذه الآية: {فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صم ثلاثة أيام» فحدد النبي - صلى الله عليه وسلم - عدد أيام الصيام، فالآية أطلقت، وقيَّدها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «صم ثلاثة أيام أو تصدق بفَرَق بين ستة مساكين أو انسُك ما تيسر» (٣).

وكلها روايات في الصحيح.

والفَرَق: ثلاثة آصع، والصاع أربعة أمداد، فيكون الفَرَق اثنا عشر مداً، فإذا أطعمتها لستة مساكين، فيكون لكل مسكين نصف صاع، أي مُدَّان.

كما صحَّ في رواية في «الصحيحين»: «لكل مسكين نصف صاع» (٤).


(١) أخرجه البخاري (٥٧٠٣)، ومسلم (١٢٠١).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٠٨)، ومسلم (١٢٠١).
(٣) أخرجه البخاري (١٨١٥)، ومسلم (١٢٠١).
(٤) أخرجه البخاري (١٨١٦)، ومسلم (١٢٠١).

<<  <   >  >>