للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نُرجح بالطريقة التي ذكرنا، أنّ صاحبة القصة أولى بالحفظ والمعرفة من الآخر، وكذلك السفير الذي كان بين صاحبة القصة وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أولَى أيضاً بالمعرفة من ابن عباس.

ثم هذان الحديثان: حديث ميمونة وحديث أبي رافع يتوافقان مع حديث النهي، أما حديث ابن عباس فيتعارض مع حديث النهي، فيُقدم حديث ميمونة وأبي رافع على حديث ابن عباس.

خلاصة الموضوع، أنّه لا يجوز للشخص أن يَنكِح - يعقد النكاح لنفسه وهو مُحرِم -، وكذلك لا يجوز له أن يعقد لغيره نكاحاً وهو مُحرِم، كأن يكون ولياً مثلاً للمرأة، وكذلك لا يجوز له أن يَخطُب وهو مُحرِم.

فيبقى هذا الحديث، وهو حديث عثمان على ما دلَّ عليه من النهي، وحديث ابن عباس لا يعارضه، لأنّه ليس بصواب والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا يَقتل صيداً)

يريد المؤلف هنا أن قتل الصيد مما يحرم على المُحرِم بعد إحرامه.

فقال: ولا يقتل صيداً.

والصيد صيدان، صيد بر وصيد بحر،

فأما صيد البر فيَحرُم على المُحرِم صيده مادام مُحرماً، لقول الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرم}، وقوله تعالى: {أُحِلَّ لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحُرِّم عليكم صيد البرّ ما دمتم حرماً}.

فصيد البرّ مُحرَّم على المُحرِم بهاتين الآيتين اللتين ذكرناهما.

وأمّا صيد البحر، فنقل ابن حزم - رحمه الله - الإجماع على أن للمُحرِم أن يتصيد في البحر ما شاء من سمكه (١).

إذن صيد البحر جائز للمُحرِم، والذي يَحرُم عليه هو صيد البرّ.

والمراد من صيد البرّ، كلّ صيدٍ مأكول بري.

فعلى ذلك فذبح الأنعام ليس منه، لأنه ليس صيداً، أن تذبح الشاة أو تذبح البدنة أو تذبح البقرة.


(١) «مراتب الإجماع» (ص ٤٤).

<<  <   >  >>