للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك ذَبح غير الأنعام من الحيوانات الإنسية كالدجاج مثلاً، فمثل هذا ليس بصيد، وإنما الصيد الذي يَحرُم على المُحرِم كل مأكول بري.

قال: (ومن قتله فعليه جزاءٌ مِثلُ ما قَتَلَ من النَّعم، يحكم به ذوا عدل)

(ومن قتله): أي من قتل الصيد وهو مُحرِم، (فعليه جزاءٌ)، أي فيجب عليه جزاءٌ.

وهذا الجزاء الذي وجب على الشخص لِقتله الصيد هو (مثل ما قتل من النَّعم) والنَّعم كما سبق وذكرنا، هي الإبل البقر والغنم.

فيجب على من قتل الصيد وهو محرم، ما يُشبه ما قَتل من النَّعم، فإذا قتل مثلاً نعامة، فأكثر ما يشبهها من النعم هو البدنة الذي هو الجمل، وإذا قتل بقرة وحشية من بقر الوحش وجب عليه بقر إنسي، وإذا قتل ضباً تجب عليه شاة، وهكذا ... .

كل هذه الأمثلة التي مثلنا بها حكم بها الصحابة - رضي الله عنهم - بالأمثلة التي ذكرنا، فكل حيوان بري يؤكل يصطاده المحرم يجب عليه فيه أن يخرج ما يشبهه من الأنعام.

(يحكم به ذوا عدل منكم) أي، من الذي يُقَدِّر في النعامة أنَّ ما يماثلها من النَّعم هو الإبل؟

الذي يقدر مايماثلها هم: ذوا عدل، أي عدلان من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

فهم الذين يميزون التشابه المطلوب شرعاً.

وكل هذا الذي ذكره المؤلف - رحمه الله - جاء في كتاب الله في قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاءٌ مثلُ ما قَتَل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارةٌ طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام}.

قال ابن عبد البر: «فدخل فيه قتل الخطأ قياساً عند الجمهور- إلا من شذَّ ... » (١) فليس الحكم مختصاً بالمتعمد، المتعمد بنص الآية، والمخطئ بالقياس».

أي أن المنصوص عليه في الآية أن الحكم فيمن فعل ذلك متعمداً، لكن أَلحَق الجمهور المُخطئ بالمتعمد.


(١) انظر «جامع بيان العلم وفضله» (٢/ ٨٧٣، رقم ١٦٤٩).

<<  <   >  >>