فإن المرأة إذا طُلِّقَت دخلت في العِدّة - وهي مدة زمنية حددها الشارع- فتبقى فيها إلى أن تنتهي، ثم بعد ذلك يَحِلّ لها الزواج، وأما قبل انتهاء العدة؛ فلا يحل لها الزواج؛ فتسمى هذه المدة الزمنية عدّة، وكذلك المرأة التي يُتوفَى عنها زوجها، تتربص بنفسها مدة زمنية إلى أن تنتهي، أي تراقب نفسها وتنتظر انتهاء المدة، ثم بعد ذلك يجوز لها أن تتزوج.
فالمراد بالعدّة في كلام المؤلف: عدة الطلاق أو الموت.
والذي يَحرُم فيها هو التصريح بالخِطبة لجميع المعتدات.
وأمّا التعريض فهو أن يذكر لها إشارة أنّه يرغب بيها ولا يُصرّح لها؛ كقوله:«أريدك للزواج» هذا تصريح؛ بل يشير إشارةً فقط؛ كأن يقول لها مثلاً:«أريد الزواج»، أو «وَدِدت أن يُيسر الله لي امرأة صالحة»، فتكون هذه إشارة يشير بها أنّه يريد أن يتزوجها، فهذا يسمى تعريضاً.
والتعريض جائزٌ لبعض المعتدات لا كلهن؛ كالمُتوفَى عنها زوجها مادامت في العدة.
أمّا المعتدة عدة طلاق رجعي؛ فلا يُعرِّض ولا يُصرِّح لها؛ لأنّها لا تزال زوجةً لرجل، ولزوجها فيها حقٌ.
الطلاق الرجعي يكون في الطلقة الأولى أو الثانية، لزوجها أن يرجعها ما دامت المرأة لم تُنه العدة، يرجعها من غير عقد جديد ولا مهر جديد.
وأما المُطلقة طلاقاً بائناً - يعني لا رجعة فيه ويكون في الطلقة الثالثة- فمُختلف في جواز التعريض لها، قال الحافظ ابن حجر:«والحاصل أن التصريح بالخِطبة حرام لجميع المعتدات، والتعريض مباح للأولى، حرام في الأخيرة، مختلف فيه في البائن»(١). انتهى
الأولى هي المُتوفَى عنها زوجها، والأخيرة: هي المعتدة من طلاق رجعي، والبائن: أي المطلقة طلاقاً بائناً لا رجعة فيه.
ودليل ما ذكره المؤلف من تحريم الخِطبة في العدّة مفهوم قوله تعالى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ}[البقرة، ٢٣٥]، فمفهوم هذه الآية: أن ما صرحتم به فعليكم جناح.