للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتحريم التصريح والتعريض للمطلقة طلاقاً رجعياً؛ لأنّها زوجة لزوجها، ولم تنته الزوجية بعد، فحق زوجها لايزال قائماً فيها.

وأمّا تحريم التصريح لغيرها خشية أن تكذب المرأة في العدّة استعجالاً للزواج ممن طلبها صراحة، لذلك مُنِع الرجل من طلبها صراحة مادامت في عدّتها.

قال المؤلف رحمه الله: (أو على الخِطْبَةِ)

أي وتحرُم الخِطبة على الخِطبة، ومراده أن خِطبة المرأة مُحرَّمة إذا خطبها مسلم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يَخطُب على خِطبة أخيه حتى ينكح أو يترك» (١)، وفي رواية: «إلّا أن يأذن له» (٢) متفق عليه.

وتحريم ذلك ليس بمجرد أن يطلب المسلم المرأة يحرم عليك طلبها، بل بأن يصرح له بالقبول، ولم يأذن لأحد بخطبتها ولا ترك هو ذلك.

وهذا النهي فيما لو كان الخاطب رجلاً مسلماً؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ولا يخِطب على خِطبة أخيه» (٣) فليس داخلاً في النهي الكافر؛ اليهودي والنصراني إذا طلبا امرأة يهودية أو نصرانية وأراد المسلم أن يتزوجها، فلا يقال له لا تخطب على خطبة اليهودي أو النصراني؛ لأنّه ليس أخاً له.

والنهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه المسلم لئلا تحدث العداوة والبغضاء في قلوب المسلمين بعضهم على بعض، وهذا المعنى غير وارد في اليهودي والنصراني فيختص بالمسلم وليس في ذلك حق لغير المسلم حتى يُحترم.

وأمّا قولنا بأنّه ليس بمجرد أن يطلب الرجل المرأة يَحرُم على الآخر أن يطلبها؛ فقلنا هذا جمعاً بين حديثين: الأول: «ولا يخطِب على خِطبة أخيه حتى ينكح أو يترك».

والثاني: ما جاء في «صحيح مسلم»: أن فاطمة بنت قيس بعدما طلّقها زوجها قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا حللت فآذنيني»، فجاءته وأخبرته أنّ معاوية وأبا جهم خطباها، ومع علمه بذلك، بعد أن أعلمته أنّ معاوية وأبا جهم خطباها، قال لها - صلى الله عليه وسلم -: «أما معاوية فصعلوكٌ لا


(١) أخرجه البخاري (٥١٤٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجها البخاري (٥١٤٢)، ومسلم (١٤١٢) من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>