للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للزواج، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «أنظرت إليها؟ » قال: لا، قال: «فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً» (١).

وأخرج أبو داود عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خطب أحدكم المرأة فإذا استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل»، قال جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى إذا رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها؛ تزوجتها (٢).

دلَّ هذا على أنّ رؤية المرأة ممن أراد أن يخطبها جائزة؛ سواء كانت تعلم أنّه سيراها أو لا تعلم ذلك لا فرق.

واختلف العلماء فيما يجوز له رؤيته منها على مذاهب؛ فالبعض قال: الجائز من ذلك الوجه والكفان فقط، والبعض قال: يرى ما يظهر غالباً كالرقبة والساقين والشعر ونحو هذه الأشياء، والبعض قال: النّظر إليها كلّها عورة وغير عورة، ينظر إلى كل شيء، واستبعد بعض أهل العلم هذا المذهب الأخير، والراجح عندي الثاني، والأول أحوط للدين. والله أعلم.

قال ابن قدامة في المغني: لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها.

وقال: ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة، ولا لريبة، قال أحمد في رواية صالح: ينظر إلى الوجه ولا يكون عن طريق لذة، وله أن يردد النظر إليها، ويتأمل محاسنها؛ لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك.

وقال: فصل: ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها، وذلك لأنه ليس بعورة، وهو مجمع المحاسن، وموضع النظر.

ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة، وحُكي عن الأوزاعي أنه ينظر إلى مواضع اللحم. وعن داود أنه ينظر إلى جميعها؛ لظاهر قوله - عليه السلام -: «انظر إليها».

وقال: فأما ما يظهر غالباً سوى الوجه، كالكفين والقدمين ونحو ذلك، مما تظهره المرأة في منزلها؛ ففيه روايتان؛ إحداهما: لا يباح النظر إليه؛ لأنه عورة فلم يبح النظر إليه، كالذي لا


(١) أخرجه مسلم (١٤٢٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه أحمد (٢٢/ ١٤٠)، وأبو داود (٢٠٨٢) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>