يظهر، فإن عبد الله روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«المرأة عورة» حديث حسن، ولأن الحاجة تندفع بالنظر إلى الوجه، فبقي ما عداه على التحريم.
والثانية: له النظر إلى ذلك، قال أحمد في رواية حنبل: لا بأس أن ينظر إليها، وإلى ما يدعوه إلى نكاحها، من يد أو جسم ونحو ذلك.
قال أبو بكر: لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة، وقال الشافعي: ينظر إلى الوجه والكفين.
ووجه جواز النظر إلى ما يظهر غالباً، أن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا أذن في النظر إليها من غير علمها، عُلم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة؛ إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور؛ ولأنه يظهر غالباً، فأبيح النظر إليه كالوجه.
ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع، فأبيح النظر منها إلى ذلك، كذوات المحارم. انتهى باختصار.
قال المؤلف - رحمه الله -: (ولا نِكاحَ إلّا بِوَليٍّ وشاهِدَيْن)
أي لا يصحّ النّكاح إلّا بوليٍّ وشاهدين، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا نكاح إلّا بوليٍّ»(١) فدل هذا الحديث على أنّ النّكاح لا يصح إلّا بوليٍّ؛ لأنّ الأصل في النفي الحقيقة، فإذا قلت: لا خالق إلّا الله، فلا وجود لخالق إلّا الله سبحانه وتعالى، فالنفي هنا على أصله عائدٌ إلى نفي حقيقة الشيء أي وجوده، يعني لا يوجد أحدٌ يخلق إلّا الله سبحانه وتعالى.
لكن إذا تعذر هذا الأصل انتقلنا إلى نفي الصّحة؛ لأنّها أقرب شيء إلى الحقيقة، فلو قلنا مثلاً هنا: لا نكاح إلّا بوليٍّ، هل نفيت الحقيقة هنا؟
لا؛ لأن من الممكن أن تُزوج المرأة نفسها.
لكن هذا من الناحية الشرعية باطل غير صحيح، فعاد النفي إلى الحقيقة الشرعية، وهي نفي الصّحة؛ فنقول: لا نكاح صحيح إلّا بوليٍّ.
(١) أخرجه أحمد (١٩٥١٨)، وأبو داود (٢٠٨٥)، والترمذي (١٠١١)، وابن ماجه (١٨٨١)، من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -.