بعض الفقهاء يقول: لا بد أن تقول: بِعْني، ويقول لك الآخر: بعتك، وتقول أنت: رضيت، حتى يتم البيع، عندهم مجرد التعاطي لا يكفي.
لكن الصحيح ما قرَّره بعض أهل العلم من أن التعاطي فقط يكفي في صحة البيع، كيف يكون التعاطي؟
تدخل على محل، تأخذ شيئاً منه وتدفع المال لصاحب المحل، هذا يسمى تعاطياً، أو أن يعطيك صاحب المحل شيئاً وأنت تدفع له ثمنه، لا تكلمه ولا يكلمك، إنما فيه تعاطي، أعطيته وأعطاك، هذا يدل على التراضي بشكل آخر، لأن العرف السائد دل على أن مثل هذا يعتبر بيعاً عند الناس، وكل ما عدَّه الناس بيعاً فهو بيع، لأن الشارع لم يضع حداً للبيع والشراء لا يكون البيع بيعاً إلا به، ولا يوجد في اللغة أيضاً حد معيَّن لذلك رجعنا إلى العرف.
والقاعدة عندنا في هذا الباب وفي العقود بالكامل: أن العقود تصح بكل ما دل على مقصودها من قول أو فعل.
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حرَّر هذه المسألة وردّ على الذين يشترطون ألفاظاً معيَّنة في كتابه مجموع الفتاوى في المجلد التاسع والعشرين الصفحة الخامسة.
بدأ المؤلف بذكر البيوع التي حرمها الله تبارك وتعالى، مرَّت معنا الآية التي قال الله تبارك وتعالى فيها {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ}، كلمة «البيع «لفظ عام، فالمفرد المحلّى بالألف واللام - إذا كانت الألف واللام للاستغراق- يفيد العموم، كما هو مقرر في أصول الفقه، فهذا لفظ عام، فالأصل في كل بيعٍ أنه حلال إلا ما دل الدليل على تحريمه، فهذا لفظ عام يخصَّص بما ورد من أدلة خاصة في أشياء معيَّنة.
هذه الأشياء التي جاء تخصيصها في أدلة خاصة ذكرها المؤلف رحمه الله هنا.