للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخرجه البخاري (١)، وأخرجه مسلم من حديث جابر (٢).

وعلة تحريمه عدم القدرة على التسليم والجهالة، فأنت لا تملك إخراج المني من الفحل وإذا خرج لا تدري كم كميته، ثم إذا حصل وخرج المني وتجاوزنا عن الكمية فإننا لا نعلم هل ستحمل الفرس أو الناقة منه أو لا، فالأمر كله داخل في ضمن الغرر الذي سيأتي الحديث عنه إن شاء الله، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر، وهو مجهول العاقبة، عاقبته مجهولة، ستأخذ الجمل إلى الأنثى التي عندك ولكنك لا تدري عاقبة هذا الأمر، ستدفع مالاً لماء هذا الجمل أو الحصان أو الثور ولكن النتيجة مجهولة إما أن تستفيد أو لا تستفيد ويضيع مالك.

قال ابن قدامة مبينا علة النهي: ولنا ما روى ابن عمر، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع عسب الفحل» رواه البخاري، وعن جابر قال «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ضراب الجمل» رواه مسلم، ولأنه مما لا يقدر على تسليمه، فأشبه إجارة الآبق.

ولأن ذلك متعلق باختيار الفحل وشهوته.

ولأن المقصود هو الماء، وهو مما لا يجوز إفراده بالعقد، وهو مجهول. انتهى (٣)

قال المؤلف: وكلِّ حرامٍ.

أي ويَحرُم بيع كل حرام، كل ما حرمه الله سبحانه وتعالى يحرم بيعه

يستدلون على ذلك بما في الصحيحين من حديث جابر المتقدم أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح وهو بمكة» إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام «فقيل: يا رسول الله: أرأيت شحوم الميتة فإنه يُطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويَستَصبِح بها الناس-أي يجعلونها وقوداً للمصابيح بدل الغاز اليوم- فقال» لا، هو حرام «- أي البيع- ثم قال: » قاتل الله اليهود إن الله لما حرَّم عليهم شحومها جملوه-أي أذابوه- ثم باعوه فأكلوا ثمنه «لما حرم عليهم الشحوم أكلوا ثمنها، أذابوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها.

وفي رواية من حديث ابن عباس» إن الله إذا حرَّم أكل شيء حرَّم ثمنه «(٤) وهذه قاعدة عامة: كل ما حرَّم الله أكله حرَّم بيعه.

لكن البيع يكون محرماً لأجل هذه المنفعة، فإذا كان له منفعة أخرى غير الأكل يجوز بيعه من أجل المنفعة المباحة كالحمار الأهلي، يجوز بيعه بالإجماع.


(١) أخرجه «البخاري» (٢٢٨٤).
(٢) أخرجه «مسلم» (١٥٦٥) بلفظ: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ضراب الجمل».
(٣) انظر «المغني» (٤/ ١٥٩) و (٥/ ٤٠٦).
(٤) أخرجه أحمد (٤/ ٤١٦)، وأبو داود (٣٤٨٨).

<<  <   >  >>