للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف رحمه الله: والاحتكار.

الاحتكار هو شراء السلعة وحبسها إلى أن يرتفع سعرها، هذا معنى الاحتكار، عرفه المالكية بقولهم: الادخار للمبيع وطلب الربح بتقلب الأسواق.

والاحتكار محرَّم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: » لا يحتكر إلا خاطئ «أخرجه مسلم (١).

ولا فرق بين سلعة وأخرى، بما أن الناس يحتاجونها فلا يجوز احتكارها.

وخص بعض أهل العلم التحريم بالقوت، وخصه في بعض البلاد دون بعض، والصحيح العموم في كل ما يضر بالسوق وفي كل موضع لظاهر الأدلة، وعليه الإمام مالك رحمه الله.

قال ابن المنذر في الإشراف (٦/ ٥٤): وفيه قول ثان: وهو أن الاحتكار يحرم في كل موضع، في كل سلعة، هذا قول مالك.

وعلة التحريم: دفع الضررِ عن الناس، والتضييقِ عليهم.

بهذه العلة يقال: يجوز الاحتكار إذا لم يكن فيه ضرر على الناس وتضييق عليهم. والله أعلم

ثم قال المؤلف رحمه الله: والتَّسعير.

التسعير وضع سعر محدد للسلعة، معروف، كثير من الدول تتعامل به اليوم، يضعون لبعض السلع أسعاراً معيَّنة لا يجوزون مخالفتها، وهذا جاء فيه حديث عن أنس قال: قال الناس: يا رسول الله! غلا السعر فسعِّر لنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: » إن الله هو المسعِّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال «(٢).

والتسعير عند أهل العلم ينقسم إلى قسمين:

قسم يلجأ إليه ولاة الأمور لظلم الناس واحتكارهم، وهذا لا بأس به؛ لأنه من السياسة الحسنة، ورفع الظلم عن الناس.

وقسمٌ آخر يكون سبب رفع الأسعار أمرٌ من عند الله تبارك وتعالى وليس فيه تصرف من قبل التجار ولا ظلم منهم، ولكن أمرٌ من عند الله، بسبب حرب حصلت أو قلة البضاعة في العالم أو ما شابه، مثل هذا مما لا يكون نتيجة تصرُّف التجار وظلمهم للناس، ففي هذه الحالة لا يجوز التدخل وتسعير البضاعة؛ لأنه في هذه الحالة ليس إزالة ظلم وقع، فتدخل


(١) أخرجه مسلم (١٦٠٥).
(٢) أخرجه أحمد (١٢٥٩١)، وأبو داود (٣٤٥١)، والترمذي (١٣١٤)، وابن ماجه (٢٢٠٠).

<<  <   >  >>