للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يومين أو ثلاثة، السيارة هذه تدخل عليه خمسة وعشرين ديناراً يومياً مثلاً، ثم بعد ثلاثةِ أيّام اكتشف فيها عيباً، تستحق الرد به، فذهب إلى البائع وقال له: خذ سيارتك أنا لا أريدها وجدت فيها عيب كذا، ولكنه عمل عليها لمدة ثلاثة أيّام، وغلتها في هذه الأيّام الثلاثة خمسة وسبعون ديناراً، هذا المبلغ لصاحب السيارة الأصلي الذي ردت إليه السيارة أم للذي اشتراها ثم ردها؟

هنا يأتي قول النبي صلى الله عليه وسلم «الخراج بالضمان» (١).

أي أن المشتري هو الذي يستحق الغلة مقابل أنه ضمن السيارة، فلو قُدِّر أن السيارة قد تلفت عند المشتري يضمنها هو، أي هو يتحمل خسارتها، فمقابل أنه ضمنها إذا حصل لها ضرر فالغلة تكون له، لا تكون للبائع لأن الخراج يعني الغلة، بالضمان أي له بمقابل ضمانه لها. والله أعلم

قال الخطابي رحمه الله: ومعنى قوله «الخراج بالضمان»: المبيع إذا كان مما له دخل وغلة فإن مالك الرقبة - الذي هو ضامن الأصل- يملك الخراج بضمان الأصل، فإذا ابتاع الرجل أرضاً فأشغلها أو ماشية فنتجها أودابة فركبها أوعبداً فاستخدمه، ثم وجد به عيباً؛ فله أن يرد الرقبة ولا شيء عليه فيما انتفع به؛ لأنها لوتلفت ما بين مدة العقد والفسخ لكانت من ضمان المشتري، فوجب أن يكون الخراج من حقه. انتهى (٢)

قال المؤلف رحمه الله): وللمشتري الردّ بالغررِ- ومنه المُصرّاة - فيرُدُّها وصاعاً من تمر، أو ما يتراضيان عليه)

هذا نوع ثانٍ من أنواع الخيار، وهو خيار الغرر.

للمشتري الردٌ بالغرر؛ لأن المشتري راضي بالمبيع عند العقد، قبل علمه بالغرر، فإذا تبين له الغرر؛ كشف ذلك عن عدم الرضا، الذي هو المناط الشرعي.

ومن بيع الغررالذي يثبت الخيار للمشتري؛ بيع المُصرّاة.


(١) أخرجه أحمد (٢٤٢٢٤)، وأبو داود (٣٥٠٨)، والترمذي (١٢٨٥)، والنسائي (٤٤٩٠)، وابن ماجه (٢٢٤٣).
(٢) «معالم السنن» للخطابي (٣/ ١٤٧).

<<  <   >  >>