أن يوجد عند شخص شاة أو بقرة أو ناقة أو غيرذلك، فيمتنع عن حلبها لمدة أيّام، حتى يمتلئ ضرعها فيكبر، فعندما يأتي المشتري يريد أن يشتري يرى ضرعاً كبيراً فيه كثير من الحليب فيظن أنها كثيرة اللبن (الحليب)، فينخدع بها فيشتريها، وبعد أن يحلبها يجد أن الحقيقة خلاف ما ظهر له، فمعنى التصرية الامتناع عن حلبها حتى يعظم ضرعها، وهو نوع من الخداع.
لهذا نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك» يعنى من اشتراها بعد أن فعلوا بها ذلك «فهو بخير النظرين» أي مخير بين أمرين:
«فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها؛ فإن رضيها أمسكها»
بعد أن تتبين له الحقيقة واتضح الأمر إذا رضي بها أمسكها، هذا الخيار الأول.
«وإن سخطها ردها» إذا لم يرض الشاة أو البقرة ردها، هذا الخيار الثاني.
«وصاعاً من تمر»(١) ويرد معها صاعا من تمر بدل اللبن (الحليب) الذي حلبه منها.
اللبن (الحليب) ليس من حقه، الحليب وُجد وهي في ملك البائع فهو من حق البائع فيرد بدله صاعاً من تمر، هذا الصاع حدده الشارع بالتمر وحدده بالصاع قطعاً للنزاع؛ لأن الحليب ربما يكون كميته قليلة، أو كثيرة، ربما يكون له وصف مختلف عن وصف آخر ... إلخ
فقطعاً للنزاع حدد الشارع ذلك بصاع من تمر.
وقول المؤلف: أو ما يتراضيان عليه؛ يعني إذا حصل التراضي فيما بينهما على أن يدفع له مبلغاً من المال مثلاً مقابل اللبن يجوز ذلك؛ لأن حق الآدمي مفوَّض إليه، فإذا رضي البائع بغير صاع من تمر ورضي المشتري أن يدفع له غير التمر جاز، كما يجوز له أن يتنازل عن حقه ويسامح فيه أو يأخذ بعضه ويترك بعضه، فكما يجوز هذا جاز ذلك أيضا. والله أعلم
قال المؤلف رحمه الله:(ويثبتُ الخيارُ لمن خُدِعَ أو باعَ قبلَ وصولِ السّوق)