قال النووي رحمه الله: أما النهي عن بيع فضل الماء ليمنع بها الكلأ؛ فمعناه: أن تكون لإنسان بئر مملوكة له بالفلاة، وفيها ماء فاضل عن حاجته، ويكون هناك كلأ ليس عنده ماء إلا هذه، فلا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا حصل لهم السقي من هذه البئر؛ فيحرم عليه منع فضل هذا الماء للماشية، ويجب بذله لها بلا عوض؛ لأنه إذا منع بذله؛ امتنع الناس من رعي ذلك الكلأ؛ خوفاً على مواشيهم من العطش، ويكون بمنعه الماء مانعاً من رعي الكلأ. انتهى
قال المؤلف رحمه الله:(وللإمامِ أن يَحمِيَ بعضَ المَواضِعِ لِرعْي دوابِّ المسلمينَ في وقتِ الحاجَة)
المقصود من هذا أنه يحق لإمام المسلمين أن يحدد أرضاً معيَّنة فيها عشب، ويمنع الناس من رعي دوابهم فيها، فتكون هذه الأرض خاصة لرعي أموال الزكاة من الإبل والبقر والغنم، وكذلك من الخيل التي يجاهد بها في سبيل الله.
لحديث الصَّعبِ بن جَثَّامة عند البخاري في صحيحه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حمى إلا لله ولرسوله»(١).
قال الأصمعي: يقال: حَمى فلان الأرض يحميها حِمى؛ إذا منعها من أن تقرب.
وقال الشافعي رخمه الله في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا حمى إلا لله ولرسوله): كان الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلداً في عشيرته استعوى كلباً، فحمى لخاصته مدى عِواء ذلك الكلب، فلم يرعه معه أحد، وكان شريك القوم في سائر المراتع حوله.
قال: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحمى على الناس حِمى كما كانوا في الجاهلية يحمون.
قال: وقوله: (إلا لله ولرسوله) يقول: إلا ما يُحمى لخيل المسلمين ورِكابهم المُرصَدة لجهاد المشركين، والحمل عليها في سبيل الله، كما حَمى عمر النقيع لنعم الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله. انتهى من تهذيب اللغة، كلام الشافعي بالمعنى في الأم له.
قال المؤلف رحمه الله:(ويَجوزُ الاشترِاكُ في النُّقُودِ والتِّجارات، ويُقِسَمُ الرِّبحُ على ما تَراضَيا عليهِ)