للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن السنة: قال السائب بن أبي السائب للنبي صلى الله عليه وسلم: كنت شريكي في الجاهلية، فكنت خير شريك؛ لا تداريني ولا تماريني (١).

وفي صحيح البخاري: أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب كانا شريكين (٢).

وذكر ابن المنذر وابن قدامة الإجماع على مشروعية الشركة (٣).

والربح في شركة العقود يكون بين المتشاركين على حسب ما وقع الاتفاق والتراضي عليه بينهما.

لقول الله تبارك وتعالى: {إلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء/٢٩]، ولا يوجد ما يدل على أمرٍ زائد على التراضي، والأصل في المعاملات الحل.

قال المؤلف رحمه الله: (وتَجوزُ المُضارَبةُ ما لم تَشتمِل على ما لا يَحِل)

المضاربة نوع من أنواع شركة العقود.

المضاربة: هي دفع المال من الدراهم أو الدنانير إلى من يعمل فيه، على أنَّ ربحه بينهما على ما شرطا.

عند زيد مال، وعرف خبير بالتجارة، فيعطي زيد عمراً ماله كي يتاجر فيه، والربح يكون بينهما على حسب اتفاقهما.

بنسبة معينة النصف أوالثلث أو الربع مثلاً، والخسارة في المال يتحملها صاحب المال، وصاحب العمل يخسر عمله ولا يأخذ مقابله شيئاً.

هذه تسمى شركة مضاربة، زيد يشارك بماله وعمرو يشارك بعمله.

التسمية مأخوذة من الضرب في الأرض، وهوالسير فيها، سميت بها؛ لأن المضارب يضرب في الأرض غالبا للتجارة؛ طالباً الربح في المال الذي دُفع إليه.

وحكمها الجواز؛ لأنه الأصل، الأصل جواز المعاملات: البيع والشراء وما شابه حتى يأتي دليل يدل على التحريم.

وقد اتفق أهل العلم على جوازها (٤).


(١) أخرجه أحمد (١٥٥٠٥)، وأبو داود (٤٨٣٦)، وابن ماجه (٢٢٨٧)، اختلفوا في شريك النبي صلى الله عليه وسلم لاختلاف الروايات فيه، فرجح أبو حاتم في العلل أنه السائب، وأعله ابن عبد البر بالاضطراب في الشريك.
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٩٧).
(٣) الإجماع لابن المنذر (ص ١٠٠)، والمغني لابن قدامة (٥/ ٣).
(٤) الإجماع لابن المنذر (ص ١٠٢)، والمغني لابن قدامة (٥/ ١٩).

<<  <   >  >>