للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن قدامة: فصل في شركة المضاربة

فصل: القسم الثالث، أن يشترك بدن ومال. وهذه المضاربة، وتسمى قِراضاً أيضاً، ومعناها: أن يدفع رجل ماله إلى آخر يتجر له فيه، على أن ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه.

فأهل العراق يسمونه مضاربة، مأخوذ من الضرب في الأرض، وهو السفر فيها للتجارة، قال الله تعالى: {وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله} [المزمل: ٢٠].

ويحتمل أن يكون من ضرب كل واحد منهما في الربح بسهم.

ويسميه أهل الحجاز القراض .... وأجمع أهل العلم على جواز المضاربة في الجملة، ذكره ابن المنذر. انتهى باختصار (١).

ما لم تشتمل على ما لا يحل: كأن يشترط صاحب المال مثلاً ربحاً مقطوعاً محدداً، يُدفع له كل شهر أو كل سنة مثلاً، إذا اشتُرط هذا الشرط حرُمت؛ لأن في ذلك ضرراً على أحد الطرفين، ربما يربح ربحاً كبيراً فلا يأخذ منه صاحب المال إلا القليل، وربما لا يربح فيدفع العامل من ماله. فلذلك حرُم مثل هذا الشرط، فإذا قام عقد المضاربة على هذا فهو محرم غير جائز.

قال ابن تيمية رحمه الله: كما لو شرط في المضاربة لرب المال دراهم معينة؛ فإن هذا لا يجوز بالاتفاق؛ لأن المعاملة مبناها على العدل وهذه المعاملات من جنس المشاركات؛ والمشاركة إنما تكون إذا كان لكل من الشريكين جزء شائع كالثلث والنصف، فإذا جُعل لأحدهما شيءٌ مُقدّر لم يكن ذلك عدلاً؛ بل كان ظلماً. انتهى من مجموع الفتاوى.

واشترط أهل العلم في المضاربة أن تكون في النقد فقط، رأس المال يجب أن يكون نقداً.

فالمضاربة الأصل فيها الجواز إلا إذا دخلها محرم؛ فتحرم. والله أعلم

ثم قال المؤلف: (وإذا تَشاجرَ الشُّركاءُ في عَرضِ الطَّريقِ؛ كانَ سبعةَ أَذْرُعٍ)

اثنان اشتركا في أرض مَوات: لم يُبنَ عليها ولم تُزرع، فأراد كل واحد منهما أن يبني على أرضه وأرادا أن يكون بين الأرضَيْن طريق، ولكنهما اختلفا في عرض الطريق كم يكون، وتنازعا في ذلك.


(١) المغني لابن قدامة (٥/ ١٩).

<<  <   >  >>