أقوالهم لأنها مخالفة للسنة، وأقوالهم أحياناً كثيرة تخالف سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك بعض أهل الحديث يعقدون أبواباً خاصة في الرد عليهم، كالإمام البخاري رحمه الله وابن أبي شيبة أيضاً في المصنف له كتاب كامل في الرد على أهل الرأي، ولذلك تجد اليوم أهل الأهواء الذين يسعون إلى التخلص من قيود الشريعة يميلون إلى مذهب أهل الرأي وكذلك تفعل بعض الدول مع أن أصل مذهبهم مالكي أو شافعي.
قال المؤلف رحمه الله:(ومَن أُكره على اليمينِ فهي غيرُ لازمةٍ، ولا يأثمُ بالحِنثِ فيها)
الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم {إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}[النحل/١٠٦]، فما فُعِل بالإكراه إثمه مرفوع عن هذه الأمة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»(١).
ففي حال الإكراه يكون الإثم مرفوعاً عن الشخص، ولا ينعقد يمينه إذا كان مكرهاً عليه، فلا يأثم بفعل ما حلف عليه ولا تلزمه كفارة.
قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح الزاد: قوله: «الثاني: أن يحلف مختاراً» أي: الشرط الثاني لوجوب الكفارة أن يحلف مختاراً، يعني مريداً للحلف، وضد المختار المكره.
قال المؤلف - الكلام لابن عثيمين والمؤلف صاحب الزاد-: «فإن حلف مكرهاً لم تنعقد يمينه» فلو أن رجلاً مجرماً عثر عليه إنسان فأمسك به، وقال: سأرفع أمرك لولي الأمر، فقال له المجرم: إذا رفعت بي سأقتلك، ثم قال المجرم: أَقْسِمْ بالله أنك لا تخبر بي، وإلا قتلتك، فأقسمَ بالله أن لا يخبر به، فهذه اليمين لا كفارة فيها؛ لأنه حلف مكرهاً، وعلى هذا فلو أخبر ولاةَ الأمور بصنيع هذا المجرم فليس عليه إثم، وليس عليه كفارة؛ لأنه حلف مكرهاً، والدليل من القرآن ومن السنة:
أما من القرآن فقال الله تعالى:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النحل: ١٠٦]. فإذا كانت كلمة الكفر قد صدرت من مُكرَهٍ فلا أثر لها، فما سواها مثلها.
أما من السنة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»، وعلى هذا فإن حنث في يمينه في هذه الحال، فلا إثم عليه ولا كفارة. انتهى.
قال المؤلف رحمه الله:(واليمينُ الغَمُوسُ هي التي يَعلَمُ الحالِفُ كَذِبَها)