للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف رحمه الله: (ولا يَجوزُ له الحُكمُ حالَ الغَضَبِ)

هذا لحديث أبي بكرة في الصحيحين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» (١) لأن الغضب يشوش الفكر، فلا يمَكِّن من الحكم بالحق، ويُلحَق به كل ما يشوِّش الفكر؛ كالجوع والعطش المفرطين وغلبة النعاس، فلا يجوز للقاضي أن يقضي وفكره مشوش.

قال المؤلف رحمه الله): وعليهِ التَّسويةُ بينَ الخَصمينِ؛ إلَّا إذا كان أحدُهُما كَافِراً)

يعني يسوي بينهما في المجلس وغيره، فيجلسان عنده بنفس المستوى؛ لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ يَقْعُدَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَكَمِ (٢). أخرجه أحمد وأبو داود، ولا يصح.

ولا يصح في هذه المسألة حديث كلها ضعيفة، لكن قال ابن رشد: أجمعوا على أنَّه يجب عليه أنْ يسويَ بين الخصمين في المجلس.

قال ابن القيم: نهى عن رفع أحد الخصمين عن الآخر، وعن الإقبال عليه، والقيام له دون خصمه؛ لئلا يكون ذريعةً إلى انكسار قلب الآخر، وضعفه عن القيام بحجته.

واستثنى المؤلف الكافر لحديث: «لا تساووهم في المجلس» (٣) وهو حديث منكر لا يُحتج به فليس بصحيح، والراجح التسوية في المجلس وغيره مما يصلح في حق الكافر بين الجميع عند الخصومة. والله أعلم

قال المؤلف): والسَّماعُ منهما قبلَ القَضاءِ)

لحديث علي - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا علي: إذا جلس إليك الخصمان فلا تقضي بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول؛ فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء» (٤) أخرجه أحمد وأبو داود ولكنه حديث ضعيف.

قال أهل العلم: وفيه دليل على أنه يحرم على الحاكم أن يحكم قبل سماع حجة كل واحد من


(١) أخرجه البخاري (٧١٥٨)، ومسلم (١٧١٧).
(٢) أخرجه أحمد (١٦١٠٤)، وأبو داود (٣٥٨٨)، في سنده مصعب بن ثابت ضعيف، انظر البدر المنير (٩/ ٥٩٤).
(٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ١٤٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٣٠)، من وجهين في أحدهما أبو سمير منكر الحديث، وفي الثاني مجموعة من الضعفاء وبعضهم رمي بالكذب، انظر البدر المنير (٩/ ٥٩٦).
(٤) أخرجه أحمد (٨٨٢)، وأبو داود (٣٥٨٢).

<<  <   >  >>