للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الوصول إليه؛ كحال كثيرٍ من المسؤولين اليوم لكن على قدر استطاعته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من تولى شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب عن حاجتهم وفقرهم؛ احتجب الله عنه دون حاجته» (١) أخرجه أحمد وأبو داود.

قال المؤلف رحمه الله: (ويَجوزُ لهُ اتَخاذُ الأعَوانِ مَع الحَاجةِ)

ويجوز للقاضي أن يتخذ رجالاً يعينونه على عمله إذا احتاج لذلك يعنونه على تنفيذ الأحكام التي يقضي بها ويحضرون له الشهود والمدعى عليهم وما شابه؛ لما ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس أنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ (٢).

قال المؤلف رحمه الله: (والشَّفاعةُ، والاستِيضَاعُ، والإِرشَادُ إلى الصُّلحِ)

ويجوز للحاكم أن يشفع يتوسط، الشفاعة: هي التي نسميها نحن الواسطة.

والاستيضاع: أي أن يطلب من أحد الخصمين الوضع من حقه، فيقول له مثلاً: ضع من حقك النصف أو البعض يعني تنازل عنه، ويقول للآخر: ادفع مباشرة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، جاء في حديث كعب بن مالك في الصحيحين أن كعب بن مالك تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ: «يَا كَعْبُ»، فَقَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، «فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ»، قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «قُمْ فَاقْضِهِ» (٣).

تقاضى ابن أبي حَدْرَدْ يعني حصل خصام بين كعب بن مالك وابن أبي حدرد، فكعب بن مالك كان يريد مالاً من ابن أبي حدرد فحصل نزاع بينهما في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فخرج إليهما حتى كشف عن حجرته فنادى: يا كعب! فقال: لبيك يا رسول الله، قال: ضع من دَيْنِك هذا وأومأ إليه أي الشطر، يعني خفِّض من دَيْنِك الذي تريده من ابن أبي حدرد وأشار إليه إلى النصف، يعني إذا كنت تريد منه مائة دينار فاجعلها خمسين ديناراً، فالاستيضاع جاءت من هنا من كلمة ضع يعني نزِّل نقِّص.


(١) أخرجه أحمد (١٨٠٣٣)، وأبو داود (٢٩٤٨)، والترمذي (١٣٣٢).
(٢) أخرجه البخاري (٧١٥٥).
(٣) أخرجه البخاري (٢٧١٠)، ومسلم (١٥٥٨).

<<  <   >  >>