للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان هذا بعد نزول الحجاب، والمرأة منهية عن لبس القفازين والنقاب في الحج.

ومنها حديث جابر في صلاة العيد، قال شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال: «تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم»، فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول الله؟ قال: «لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير» قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطهن وخواتمهن (١).

والحاجة تدعو إلى كشف الوجه والكفين لتسهيل البيع والشراء والأخذ والإعطاء.

والدليل على أن القدمين عورة، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» قالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال «يرخين شبراً»، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: «فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه».

رواه ابن عمر وأم سلمة (٢).

ثم بعد ذلك، هل ستر العورة التي قررناها آنفاً واجب أم شرط؟

اختلف أهل العلم في ذلك، والراجح أنه واجب وليس شرطاً.

ودليل الوجوب قول الله تبارك وتعالى {خذوا زينتكم عند كل مسجد}.

قال غير واحد من السلف: هو ستر العورة، وسبب نزول الآية يدل على ذلك.

ودليل عدم الشرطية:

حديث عمرو بن سلمة أنه أمَّ بقومه وهو صغير، فإنه كان أقرأهم لكتاب الله وعليه بردة صغيرة إذا سجد تكشفت عورته، حتى قالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم فاشتروا له قميصاً (٣).

فهذا قد تكشَّفَت عورته في الصلاة ولم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمرهم بإعادة الصلاة.


(١) أخرجه البخاري (٩٥٨)، ومسلم (٨٨٥) عن جابر - رضي الله عنه -، واللفظ لمسلم.
(٢) أخرجه الترمذي (١٧٣١)، والنسائي (٥٣٣٦).
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٠٢).

<<  <   >  >>