ولذلك قال: " ونحنُ نسأَل: من أَيْنَ جاءَ للبيضاويِّ أَن نمرودَ هو ابنُ كنعان؟
فنمرودُ هو ابنُ كوش بن حام بن نوح [تكوين: ٦/١٠ - ١٨] .
وأَخَذَ الناسُ بعدَ الطوفانِ يَبنونَ مدينةً وبُرْجاً عالياً يُخَلِّدونَ به اسْمَهم، فعاقَبَهم اللهُ بأَنْ بلبلَ أَلسنتهم، فلم يَستطيعوا التفاهم، وكَفّوا عن البنيان ...
ولذلك سُميت المدينة " بابل "، لأنَّ هناكَ بلبلَ اللهُ أَلسنَتَهم [تكوين: ١١/ ١ - ٩] ".
إِنَّ الآيةَ تتحدثُ عن الكفارِ السابقين، بدونِ تعيينٍ أَو تَحديد، كانوا
يمكرونَ بالأَنبياء، ويتآمَرون على المؤمنين، فأنجى اللهُ المؤمنين، وأوقع بهم
عقابَه، بأَنْ قَلَعَ بُنيانَهم من القواعِد، فخرَّ عليهم السقفُ من فوقِهم، وعَجَزوا عن النجاة..
وهذا ينطبقُ على كل الأَقوام الكافرين، مثل قومِ نوح، وعاد،
وثمود، ومدين، وقوم لوط، والفراعِنة، والآشوريين، والبابليين، واليونان، والرومان، وغيرهم.
وقد وردَ في سِفْرِ التكوينِ أُسطورةُ برج بابل، التي كَتَبَها الأَحبار،
وزَعَموا أَنها من عندِ الله، وخلاصةُ تلك الأُسطورةِ الخرافية، أَنه كانَ الناسُ
جميعاً مُتجمعين في بابل، ويتكلَّمون لغةً واحدة، وأَنهم أَرادوا بناءَ مدينةٍ
عظيمة، وبُرْجاً عالياً، لِيخَلِّدوا اسْمَهم، ولما رآهم الرَّبُّ على هذا الاجتماع والتعاونِ والاتفاقِ، خاف أَنْ يَغْلِبوه، إِنْ نَجحوا في تحقيقِ مُرادِهم، فعاقَبَهم بأَنْ بَلْبَلَ أَلسنَتَهم وفَرَّقَ قُلوبَهم، وشَتَّتهم، فكَفُّوا عن مشروعِهم الكَبير، وتفَرَّقوا في الأَرض..
وسُميت المدينةُ التي كانوا فيها " بابل " لهذا السبب!!.
هذه الأُسطورةُ الخرافيةُ التي كَتَبَها الأَحبارُ الكافرون في سفْر التكوين
١١/ ١ - ٩، يؤمنُ بها الفادي، مع أَنها أَباطيلُ وكفْز بالله، ونحنُ ننكرُها
ونُكَذِّبها ونكفُرُ بها..
أما اعتراضُ الفادي على البيضاوي لأَنه جعلَ نمرودَ ابناً لكَنْعان، فهو لا
معنى له، وما قالَه هو من أَنَّ نمرودَ هو ابنُ كوشِ بن حام بن نوح ادِّعاءٌ ليس