للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا صريحٌ في قوله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) .

فالعفوُ والصفحُ مستمرّان إِلى أَنْ يأتيَ اللهُ بأَمْرِه، فيأمرَ المسلمينَ بأَمْرٍ

جَديد، وهو الجهادُ والقتال!.

أَما الأَمْرُ بجهادِ الكفارِ والمنافقين، والغِلظةِ عليهم فيه، فهذا مُوَجَّهٌ ضدَّ

صنفٍ آخَرَ من المنافقينِ والكافرين، وهم أولئك الحاقدونَ المتآمرونَ على

المسلمين، الذين يُحاربونَهم ويُهاجمونَ دينَهم.

وبذلك نجمعُ بين الأَمْرِ بالصفح والأَمْر بالغلظةِ في الجهاد، بأَنْ يُوَجَّهَ

كُلُّ أَمْرٍ إِلى صنف، ذي صفاتٍ خاصة، تختلفُ عن صفاتِ الصنفِ الآخَر،

وتَقييدِ أَحَدِ الأَمريْن بزمنٍ وعهدٍ خاصّ، فإِذا اختلفَ الزمانُ أَو المكانُ أَو

الأَشخاصُ فلا تَناقُضَ بين الأَمْرِ بالصلحِ والأَمرِ بالجهاد!!.

سابعاً: هل يأمر الله بالفحشاء؟

زَعَمَ الفادي الجاهلُ أَنَ القرآنَ تَناقَضَ في حديثِه عن الفحشاء، فهو يُخبرُ

أَنَ الله لا يامُرُ بالفحشاء، وذلك في قولِه تعالى: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٢٨) .

وهو يُثبتُ الأَمْرَ بالفحشاءِ لله، قال تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦) .

وليسَ الأَمْرُ كما فهمَه الجاهل، فمن المعلومِ أَنَّ اللهَ لا يأمُرُ بالفحشاء.

وهذا ما صَرَّحَتْ به آيةُ سورةِ الأَعراف، حيث رَدَّتْ على أَكاذيبِ الكافرين، فعندما كانوا يَفعلونَ الفاحشةَ كانوا يقولون: اللهُ أَمَرَنا بها، ويَرْضاها مِنّا، ولو لم يَرْضَها منّا ولم يأمُرْنا بها لأَهْلَكَنا عندما فَعَلْناها! فكَذبَهم اللهُ بقوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>