ما الذي كان يفعلُه عيسى - عليه السلام -؟
كان يَأخُذُ المادَّةَ الأَوليةَ التي خَلَقَها الله، يأخذُ حفنةً من الترابِ الذي خَلَقَه الله، ويأخُذُ إِناءً من الماءِ الذي خَلَقَه الله، ويَجبلُ الترابَ بالماءِ حتى يَصيرَ طيناً، ثم يأخذُ ذلك الطينَ، ويَشَكِّلُه على هيئةِ الطائر، ويُصَوّرُه على صورتِه، ويَجعُله تمثالَ طائِر، ثم ينفخُ فيه، ويطلبُ من اللهِ أَنْ يَبُثَّ فيه الروح، فيَجعلُ اللهُ فيه الروح، ويكونُ طيراً حيّاً.
فعيسى لم يَخْلُقْ في الطائرِ روحاً، ولم يَجعلْه حيّاً، إِنما اللهُ الذي فَعَلَ ذلك.
وبمعنى آيةِ سورةِ آلِ عمران السابقة قولُه تعالى: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي) .
وقد نَصَّت الآيَتانِ من سورةِ آلِ عمران وسورةِ المائدة على أَنَّ وَضْعَ الروحِ في الطيرِ كان بإِذْنِ الله، فاللهُ هو الخالقُ في الحقيقة، وليس عيسى - عليه السلام -، فهو كانَ مجردَ سببٍ مادّيّ، يُشَكِّلُ ويُصوِّرُ ويَنفخ، والمسبِّبُ والمريدُ هو الله سبحانه.
ج - زَعَمَ الفادي أَنَّ القرآنَ نَسَبَ لعيسى - عليه السلام - القدرةَ على إِحياءِ الموتى! وإِحياءُ الموتى خاصّ بالله، وبما أَنَّ عيسى - عليه السلام - فَعَلَ ذلك فهو إِله، لأَنه نجحَ في فعْلِ شيءٍ خاص بالله!..
قالَ: " وَنَسَبَ القرآنُ له القدرةَ على شفاءِ المرضى وإِحياءِ الموتى.
قال: (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ) .
وإِحياءُ الموتى خاصّ بالله: (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) ".
وكما قُلْنا في خَلْقِه من الطينِ كهيئةِ الطيرِ نَقولُ في إِحيائِه الموتى، فاللهُ
هو الذي آتاهُ معجزةَ إِحياءِ الموتى..
أَيْ كانَ عيسى - عليه السلام - يَقِفُ أَمامَ الميت، ويَدْعو اللهَ أَنْ يُحييَه، ويَستجيبُ اللهُ له.
فالذي أَحيا الميتَ في الحقيقةِ هو الله، ولم يَكُنْ عيسى - عليه السلام - إِلّا سَبَباً.
وهذا ما أَكَّدَهُ القرآن، في قولِه عن هذه المعجزة.
قال تعالى: (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ) .
وقال تعالى: (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي) .
قالَ اللهَ لعيسى - عليه السلام -: إِنكَ ستُخرجُ الموتى بإِذْني.
فأَخْبَرَ عيسى - عليه السلام - بَني إسرائيلَ بذلك، وقال لَهم: أَنا سأُحيي الموتى بإِذْنِ الله.