المرحلة الأولى: خَلْقُهُما خَلْقاً أَوَّليّاً، بدون تفصيلٍ أَو تَقْدير.
خُلقت السماءُ أَوَّلاً، ثم الأَرضُ بعد ذلك، وهذا ما أَخبرتْ عنه آياتُ سورةِ
النازعات، فهي صريحةٌ في أَنَّ اللهَ خَلَقَ السماء أَوَّلاً: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) ..
ثم خَلَقَ الأَرضَ بعد ذلك: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) .
المرحلة الثانية: تقديرُ وتَفصيلُ وترتيبُ السمواتِ والأَرض.
وكانَ هذا في الأَرضِ أَوَّلاً، ثم صارَ في السماءِ بعد ذلك، وهذا ما أَخبرتْ عنه آياتُ سورةِ فصلت.
فاللهُ خَلَقَ الأَرضَ في يومين: (أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) وفَصلَها وقَدَّرَها، وجعلَ فيها جبالَها وأَنهارَها، وقَدَّرَ فيها أَقواتَها،
في يومَيْن آخرين، فكانَ مجموعُ خَلْقِ الأَرض أَربعةَ أَيام: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) .
وبعدما تَمَّ تَفصيلُ وتَرتيبُ خَلْقِ الأَرص، استوى اللهُ إِلى السماء،
فسوّاهُنَّ سبعَ سمموات، وذلك في يومين: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) .
ويمكنُنا أَنْ نقولَ في ترتيبِ خَلْقِ السمواتِ والأَرض: السماءُ، ثم الأَرض.
وأَنْ نقولَ في تفصيلِ خلْقِهما: الأَرضُ، ثم السماءُ ...
أَيْ: سماء، أَرض.. ثم: أَرض، سماء..
[خامس عشر: هل القرآن محكم أو متشابه؟ :]
زَعَمَ الفادي الجاهلُ أَنَّ القرآنَ متناقضٌ في إِخبارِه عن طبيعتِه، فأَخبرَ أَنه
مُحْكَمٌ مُبينٌ واضح، وأَخبرَ في موضعٍ آخرَ أَنه متشابه!.
سَجَّلَ آيةً تُخبرُ أَن القرآنَ مُبين، وهي قوله تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣) .
وسَجَّلَ مقابلَها آيةً تُخبرُ أَنَّ القرآنَ متشابه، وهي قولُه تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧) .