للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل مات الرسول - صلى الله عليه وسلم - مسموماً؟

ذَكَرَ الفادي الجاهلُ عِنواناً مُثيراً هو: " موتُه بتأثيرِ السّمّ ".

وسَجَّلَ تحت هذا العنوانِ قولَه تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا) .

ثم نَقَلَ الفادي عن البيضاويِّ معنى هذه الآية، ومناسبةَ نُزولها، وحادثةَ

اعتداءِ المشركين على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزوةِ أُحُد، وما أَشاعوهْ من أَنه قد قُتِلَ، وتَأَثُّرِ بعضِ الصحابة بما سمعوه، حتى حَزِنَ بعضُهم وأَلْقى السلاح.

ثم ذَكَرَ قصةَ الشاةِ المسمومة التي حَشَتْها اليهوديةُ في غزوةِ خَيْبَرَ، وقَدَّمَتْها للرسول - صلى الله عليه وسلم -، محاوِلةً قَتْلَه.

وخَرَجَ الجاهلُ منها بأَنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - ماتَ مسموما" (١) .

صَحيحٌ أَنَّ المرأةَ اليهوديَّةَ سَمَّمَتْ شاةً ثم شَوتْها وقَدَّمَتْها للرسولِ - صلى الله عليه وسلم -، وكَثرَتْ من السُّمِّ في الكَتِفِ؛ لأَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يُحبُّ الكَتِف..

ولما قُدِّمَ الكتفُ للرسول - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَ في فَمِه لقمةً منها وَمَضَغَها، ثم لَفَظَها وأَخْرَجَها ولم يَبْلَعْها، وقال: إِنَ هذا الذراعَ يُخبرُني أَنه مسموم..

وقد تناول بِشْرُ بنُ البراءِ - رضي الله عنه - لُقمةً منه وابتعلها، وماتَ فوراً من شدةِ وقوةِ السّمّ.

واستدعى الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - اليهودية، وقالَ لها: ما حَمَلَكِ على ما صَنَعْتِ؟

قالَتْ: يا أَبا القاسم، إِني كنتُ أَعلمُ أَنك إِنْ كنتَ رسولاً فسيحْميك اللهُ، وإِنْ كنتَ كاذباً متَّ واسْتَرَحْنا منك!.

وأَمَرَ بها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقُتِلَتْ قِصاصاً؛ لأَنها قَتَلَتْ بِشْرَ بنَ البراء بن معرور - رضي الله عنه - بالسّمّ.


(١) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
٥٠- مات النبى صلى الله عليه وسلم بالسم
الرد على الشبهة:
حين تصاب القلوب بالعمى بسبب ما يغشاها من الحقد والكراهية يدفعها حقدها إلى تشويه الخصم بما يعيب، وبما لا يعيب، واتهامه بما لا يصلح أن يكون تهمة، حتى إنك لترى من يعيب إنساناً مثلاً بأن عينيه واسعتان أو أنه أبيض اللون طويل القامة، أو مثلاً قد أصيب بالحمى ومات بها، أو أن فلاناً من الناس قد ضربه وأسال دمه؛ فهذا كأن أو أن تعيب الورد بأن لونه أحمر مثلاً؛ وغير ذلك مما يستهجنه العقلاء ويرفضونه ويرونه إفلاسًا وعجزًا.
أن محمداً صلى الله عليه وسلم قدمت له امرأة من نساء اليهود شاة مسمومة فأكل منها فمات صلى الله عليه وسلم.
وينقلون عن تفسير البيضاوى:
أنه لما فتحت خيبر واطمأن الناس سألت زينب بنت الحارس - وهى امرأة سلام بن مشكم (اليهودى) - عن أى الشاة أحب إلى محمد صلى الله عليه وسلم؟ فقيل لها: إنه يحب الذراع لأنه أبعدها عن الأذى فعمدت إلى عنزة لها فذبحتها ثم عمدت إلى سمّ لا يلبث أن يقتل لساعته فسمَّت به الشاة، وذهبت بها جارية لها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت له: يا محمد هذه هدية أهديها إليك.
وتناول محمد الذراع فنهش منها.. فقال صلى الله عليه وسلم: ارفعوا أيديكم فإن هذه الذراع والكتف تخبرنى بأنها مسمومة؛ ثم سار إلى اليهودية فسألها لم فعلت ذلك؟ قالت: نلت من قومى ما نلت ... وكان ذلك بعد فتح " خيبر " أحد أكبر حصون اليهود فى المدينة وأنه صلى الله عليه وسلم قد عفا عنها.
ثم يفصحون عن تفسير البيضاوى:
أنه صلى الله عليه وسلم لما اقترب موته قال لعائشة - رضى الله عنها - يا عائشة هذا أوان انقطاع أبهرى (١) .
فليس فى موته صلى الله عليه وسلم بعد سنوات متأثرًا بذلك السُّم إلا أن جمع الله له بين الحسنيين، أنه لم يسلط عليه من يقتله مباشرة وعصمه من الناس وأيضًا كتب له النجاة من كيد الكائدين وكذلك كتب له الشهادة ليكتب مع الشهداء عند ربهم وما أعظم أجر الشهيد.
وأيضًا.. لا شك أن عدم موته بالسم فور أكله للشاة المسمومة وحياته بعد ذلك سنوات يُعد معجزة من معجزاته، وعَلَمًا من أعلام نبوته يبرهن على صدقه، وعلى أنه رسول من عند الله حقًا ويقينًا.
وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يموت فى الأجل الذى أجله له رغم تأثره بالسم من لحظة أكله للشاة المسمومة حتى موته بعد ذلك بسنوات. اهـ (شبهات المشككين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>