للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦ - رفع عيسى - عليه السلام - إلى السماء:]

وَقَفَ الفادي المفترِي أَمامَ حديثِ القرآنِ عن رفْعِ عيسى - عليه السلام - إِلى السماء، وأَساءَ فَهْمَهُ، واستدل به على عقيدتِه الباطلةِ في أُلوهيةِ المسيح! قال:

" يَشهدُ القرآنُ أَنَّ المسيحَ رُفِعَ من الأَرضِ إِلى الله، وهو حَيٌّ خالدٌ في السماء، فجاءَ في سورةِ آل عمران (٥٥) : (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) .

وقد سَبَقَ أَنْ ناقَشْنا كلامَ الفادي حولىَ معنى الآية، وذَكَرْنا مَعْناها

الصحيح.

وقد أَلْقى اللهُ على عيسى - عليه السلام - النومَ، ورَفَعَهُ إِليه وهو نائم، والتَّوَفّي هنا تَوَفّي نَوْم وليس تَوَفّيَ مَوْت، وعيسى - عليه السلام - حَيٌّ الآنَ في السماء.

وهو ليس خالِداً في السماء، لأَنَّ اللهَ لم يَجعل الخلودَ لأَيّ مَخْلوقٍ من البَشَر، ولذلك أَخطأَ الفادي في قولِه: " وهو خالدٌ في السماء ".

كُلُّ المخلوقين سَيَموتون، حتى رسولُ اللهِ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - سيموت، والوحيدُ المخلَّدُ الذي لن يَموتَ - في نظرِ الفادي - هو عيسى - عليه السلام -، وهذا دليل عندَه على أُلوهيتهِ!! قال: " وقيلَ عن محمدٍ: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) .

فلماذا انتصَرَ المسيحُ على المَوْت، وقد ماتَ الناسُ في كل جيل، وهو حَيّ خالد، وله الخُلْدُ، وله الرفعةُ والمجد؟ ".

صحيحٌ أَنَّ عيسى - عليه السلام - حَيّ الآنَ في السماء، بروحِه وجسمِه، ولكنَّه ليس مُخَلَّداً، ولنْ ينتصرَ على الموت، كما ادَّعى الفادي، وسيُنزلُه اللهُ إِلى الأَرض في آخرِ الزمان، وسَيموتُ مَوْتاً طبيعيّاً كما ماتَ البَشَر، ثم يُبْعَثُ معهم يومَ القيامة.

ونَصَّ القرآنُ على أَنَّ عيسى - عليه السلام - سَيَموت.

قال تعالى: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) .

وقال تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (١٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>