للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد فَهمت حفصةُ - رضي الله عنها - الورودَ بأنه بمعنى الدخول، وأَنَ المؤمنين والكافرين سيَدْخُلونَ جهنَّم جَميعاً، ولكنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَّرَ الوُرودَ بالمرور، وأَخْبَرَها أَنَّ اللهَ يُنجي المؤمنينَ برحمتِه، فلا يُدْخِلُهم جَهَنَّم، وإِنما يَمُرّونَ عليها مُروراً سَريعاً، في طريقِهم إِلى الجنة.

وروى مسلم عن أَبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - حديثَ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الطويلَ في الشفاعة: " ...

ثم يُضْرَبُ الجِسْرُ على جَهَنَّم، وتَحِلّ الشَّفاعَة، ويقولون:

اللهمَّ سَلِّمْ، سَلّمْ، قيلَ: يا رسولَ الله! وما الجِسْرُ؟

قال: دَحْضٌ مُزِلَّةٌ، فيه كَلاليبُ وخَطاطيفُ وحَسَك، تَكونُ بنَجْد، فيها شُوَيْكَة، يُقالُ لها: السَّعْدان، غيرَ أَنه لا يَعلمُ ما قَدْرُ عِظَمِها إِلّا الله.

تَخْطِفُ الناسَ بأَعمالِهم، فمنهم الموبَقُ بعَمَلِه، ومنهم المُجازى حتى يَنْجو، فَيَمُرُّ المؤمنون كَطَرْفِ العَيْن، وكالعَيْن، وكالرّيح، وكالطَّيْرِ.

وكأَجاويدِ الخَيْلِ والرّكاب، فنَاجٍ مُسْلَّمٌ، ومَخْدوش مُرسَلٌ، ومَكْدوسٌ في نارِ جَهَنَّم ... ".

بهذا البيانِ القاطعِ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّضِحُ أَنْ المرادَ بالورودِ هو المرورُ وليس الدخول، فالمتَّقونَ لا يَدْخُلونَ جَهَنَّم مُطْلَقاً! وبهذا نَعْرِفُ جَهْلَ وخَطَأَ الفادي في ادِّعائِه وافترائِه.

***

[مظاهر نعيم المؤمنين في الجنة]

اعترضَ الفادي المفترِي على حديثِ القرآنِ عن الجنة، ومظاهر النعيمِ

التي فيها، واعتبرَ هذه المظاهرَ لا تَليقُ بالمؤمنين، وأَثْنى على حديثِ الكتابِ

المَقَدَّسِ عن الجنة، وسَخِرَ مِن آياتِ القرآنِ التي ذَكَرَتْ صفاتِ الجنة.

وقالَ في بدايةِ اعتراضِه وتهكّمِه: " هذه جنةٌ تُناسِبُ الميولَ الجسدية،

وتُوافِقُ رغباتِهم الماديّة ".

وفَصَّلَ الحديثَ في اعتراضِه قائلاً: " بَدَلَ الصحراءِ المحرقة، وَعَدَهم

بجنةٍ تَجْري من تَحتِها الأَنهار..

وبَدَلَ النومِ على الرمالِ، وَعَدَهم بجنةٍ فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>