للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقيتْ في هذه القضيةِ مسأَلة؟

وهي: مَنْ هو الذي يَشاءُ اللهُ هدايتَه؟

ومَنْ هو الذي يَشاءُ اللهُ إِضْلالَه؟.

يَشاءُ اللهُ هدايةَ الشخص الذي يَختارُ الإِيمانَ والهدى ويُريدُه، ويتوَجَّهُ

إِليه، ويَرغبُ فيه، فهذا يُعينُه اللهُ ويُثَبِّتُه عليه، ويُحِبُّه ويَرضى عنه، ويُثيبُه على ما فعلَ جَنّاتِ النعيم.

ويَشاءُ اللهُ إِضْلَال الشخصِ، الذي يَختارُ الكفرَ والضَّلال، ويَرفضُ

الإِيمانَ والهدى، ويَسيرُ في طريقِ الانحرافِ والفساد، ويُحصي اللهُ عليه

جرائمَه، ويُحاسبُه على أَفعالِه، ويُعَذَبُه في نارِ جهنَّم.

ومن الآياتِ الصريحةِ في تقريرِ هذه الحقيقةِ قولُه تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩) كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (٢١) .

***

[بين قدر الله وإرادة الإنسان]

ذَكَرَ الفادي أَربعَ آياتٍ تُقَرِّرُ أَنَّ كلَّ شيء يَقعُ في هذا الوجودِ - إِنَّما يكونُ

بقَدَرِ اللهِ ومشيئَتِه وإِرادَتِه، سواء كانَ الشيءُ خَيْراً أَو شَرّاً.

منها قولُه تَعالى: (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣) .

وقولُه تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) .

وخَطَّأَ المفترِي هذه الآياتِ ورَفَضَ ما تُقَرِّرُه، واعترضَ عليها قائلاً: " من

هذهِ الآياتِ وغيرها كثيرٌ يَرى الإِسلامُ أَنَّ كُلَّ ما يَقَعُ في الوجودِ من خيرٍ وشَرٍّ

هو من عندِ الله! فيكونُ اللهُ عِلَّةَ الشُّرورِ ابتداءً، وتكونُ رسالةُ الأَنبياءِ وتكليفهُم

<<  <  ج: ص:  >  >>