[حكمة حذف جواب الشرط]
اعترضَ الفادي على صياغةِ قولِه تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٥) .
وتساءَلَ عن جوابِ " لَمّا " وقال: " أَينَ جوابُ لَمّا؟
ولو حَذَفَ الواوَ التي قبلَ (وَأَوْحَيْنَا) لاستقام المعنى ".
اعتراضُه على حَذْفِ جوابِ " لَمّا ".
واقترحَ على القرآنِ حَذْفَ الواوِ من جملةِ (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ) ، لتكونَ هي جوابَ الشرط، فيكونَ التقديرُ: فلما ذهبوا به وأَجْمَعوا أَنْ يَجْعَلوهُ فِي غيابةِ الجُبِّ أَوحينا إِليه!!.
واعتراضُه متهافت، والأَفصحُ والأَبلغُ حذفُ جوابِ الشَّرْط ...
إِنَّ " لَمّا " ظَرْفُ زمان للماضي، يتضمَّنُ مَعْنى الشرط.
وجملةُ (ذَهَبُواْ بِهِ) فعلُ الشرط.
وجملةُ (وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ) معطوفة عليها.
وجوابُ الشرطِ محذوف، تقديرُه: جَعَلوهُ في غيابةِ الجُبِّ.
وجملةُ (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) استئنافية، ولا تَصْلُحُ أَنْ تكونَ جوابَ الشرط.
فيكون معنى الآية: لما ذَهَبَ الإِخوةُ بأَخيهم الصغيرِ يوسف، وأَجْمَعوا
على التخلُّصِ منه، نَفَّذوا ما أَجْمَعوا عليه، وَوَضَعوه في غيابة الجب.
ولما استقَرَّ الصغيرُ يوسفُ في غيابةِ الجُبِّ واسَيْناهُ وطَمْأَنّاه، وأَوحينا إليه بأنه
سيتجاوزُ تلك المحنة، ويكونُ في وضعٍ مُريح، حيثُ سَيُنَبِّئُهم بأَمرهم هذا وهم لا يشعرونَ به، ولا يتوقَّعونَ أَنْ يكونَ هو.
وقد يكونُ من البلاغةِ ذِكْرُ جوابِ الشرطِ في الجملة، ولكنَّه قد يكونُ
حَذْفُ جوابِ الشرطِ أحياناً هو الأَفصحَ والأَبلغَ.
وبهذا يكونُ اعتراضُ الفادي على حَذْفِ جواب الشرط دليلَ جهلِه وغبائِه.