وقررتْ آيةُ الكرسي نفسَ الحقيقة: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) .
وهكذا نَفهمُ نفيَ الشفاعةِ عن الكافرين، الواردِ في قوله تعالى:
(فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١.
وقوله تعالى الذي يقرر أنه لا يشفع الشافع إلا بأمر الله تعالى: (يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩) .
رابعاً: هل أهل الجنة قليلون أم كثيرون؟
زَعَمَ الفادي الجاهلُ أَنَ حديثَ القرآنِ عن عَدَدِ أَهْلِ الجنةِ مُتناقض،
تَناقَضَ - في نظرِه - قولُه تعالى: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) .
مع قوله تعالى: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) .
لننظر: هل تَتناقَضُ الآياتُ مع بعضها؟.
مَنْ هم (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) ؟
ومَنْ هم وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) ؟
وهل أَصحابُ الجنةِ كلُّهم صنفٌ واحد؟.
أَخبرتْ آياتُ سورةِ الواقعةِ أَنَّ الناسَ يومَ القيامة ثلاثَةُ أَصْناف:
السابقون، وأَصحابُ اليمين، وأَصحابُ الشمال.
قالَ تعالى: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) .
أَصحابُ المشأمَةِ هم أَصحابُ الشمال، وهم الكفارُ في جهنم؟
قال الله - عز وجل -: (وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) .
أَما السّابقون وأَصحابُ اليمين فهم المؤمنونَ في الجنة، وهما صنفان
مُتفاوتانِ في منازلِ الجنة: السابقون المقَرَّبون في أَعْلى منازلِ الجنة،
وأَصحابُ اليمينِ في أَوسطِ منازلِ الجنة.
قالَ اللهُ عن الصنفِ الأَول: السابقين: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) .
وقالَ اللهُ عن الصنفِ الثاني: أَصحابِ اليمين: