المفتري الجاهل، ويُمكنُ الرَّدُّ على شبهاتِهم بسهولةٍ ويُسْر، ولم يَتَأَثَر القرآنُ بما قالوه عنه، وبَقيَ صخرةً قويةً ثابتة، يَصدُق عليهم وعليه قولُ الشاعر:
كَناطِحِ صَخْرَةٍ يَوْماً لِيوهِنَها ... فَما وَهاها وَأَوْهى قَرْنَهُ الوَعِلُ
***
[هل القرآن مثل كلام الناس؟]
وضَعَ الفادي المفترِي عِنواناًا ستفزازياً مُثيراًْ " الكلامُ المماثلُ لغيرِه من
كلامِ الناس " ادَّعى فيه أَنَّ القرآنَ مثلُ كَلامِ الناس.
وجاءَ في عرضِه لفكرتِه الخبيثة قولُه: " جاءَ في سورةِ الإِسراء (٨٨) :
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨) .
ونحنُ نسألُ: أَليست المعلَّقاتُ السبعُ ومَقاماتُ الحريريِّ أَفصحَ من
القرآن؟
أَو ليس امرؤُ القيس أَفصحَ من محمد؟
أَليستْ قصائدُ المتنبي وابن الفارضِ وخُطَبُ قِسّ بنِ ساعِدَة وغيرهم تُحاكي فَصاحةَ القرآن، وتُخرجُه عن كونِه معجزة؟
فليس القرآنُ من المعجزةِ في شيء، لأَنَّ المعجزةَ حَدَثٌ يحدُثُ
خِلافَ مَجرى الطبيعةِ وناموسِها، فإِماتةُ حَيٍّ بطريقةٍ ما لا يُعَدُّ مُعجزة، لحدوثِه وفقَ ناموسِ الطبيعة، ولكنَّ إِحياءَ الميتِ بواسطةِ دُعاءٍ وأَمْرٍ يُحْسَبُ مُعجزة..
وعليه فتأليفُ كتابٍ في نهايةِ البلاغةِ والفصاحةِ لا يُعَدُّ معجزة، بل يُعَدُّ من
نوادِرِ أَعمالِ الإِنسان.
وإِنْ حَسَبْنا القرآنَ بناءً على سموِّ بلاغَتِه وفصاحتِه معجزةً، سيلزَمُنا أَن
نَحْسِبَ كثيراً من أَشعارِ العَرَبِ وخُطَبِهم مُعْجزات!
وإِنْ كانَ القرآنُ يتحدّى الناسَ جَميعاً في فصاحتِه، فأَي مسلمٍ يَقرأُ للعربِ قصائِدَهم العامرةَ وخُطَبَهم الرنانة، ويتذرَّعُ بالشجاعةِ في الرأي ويُعلنُ الحقيقةَ السافرةَ أَنَّ محمداً كأَحَدِ هؤلاءِ العرب، أَو يقل عنهم!.