للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَناقُضَ بين حديثِ القرآنِ عن حرمةِ الخمرِ في الدنيا وإِباحتِها في

الآخرة، لأَنَّ خمرَ الدنيا ليستْ كخمر الجَنّة.

خمرُ الدنيا من أَسلحةِ الشيطانِ في إِغواءِ وإِفسادِ الناس، وإِيقاعِ - العَداوةِ والبغضاءِ بينهم، قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) .

وخمرُ الدنيا تذهبُ بعقولِ شاربيها، فعندما يَسكرونَ يَفقدونَ السيطرةَ

على أَقوالِهم وأَفعالهم، ولذلك حَرَّمَها اللهُ على الناس.

وخمرُ الجنة منزهةٌ عن هذه العيوبِ والمفاسد، فلا سُلطانَ للشيطانِ

عليها في الجنة، وهي لا تَغتالُ عُقولَ شاربيها المؤمنين، قال تعالى: (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (٤٧) .

وقال لعالى: (وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣) .

فالخمرُ السيئةُ التي حَرَّمَها اللهُ في الدنيا أُمُّ الخبائث، وهي غيرُ الخمرِ

الطيبةِ التي أَباحَها اللهُ للمؤمنينَ في الجنة.

فلا تَناقُض بين حرمةِ هذه وإِباحةِ تلك!!.

[ثاني عشر: بين النهي عن إيذاء الكفار والأمر بقتالهم:]

زَعَمَ الفادي الجاهلُ أَنَّ القرآنَ مُتناقضٌ في حديثِه عن الكافرين، وفي

توجيهِ المسلمين إِلى كيفيةِ التعاملِ معهم، فأَوردَ خمسَ آياتٍ تَنْهى عن إِيذاءِ

الكفار، وتأمرُ المسلمين بحسنِ معاملتِهم، وأَوردَ في مقابِلِها خمسَ آياتٍ

تتناقضُ معها، وتأمرُ المسلمينَ بقتالِ الكفارِ وقَتْلِهم:

أ - نهى اللهُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن إِيذاءِ الكفار، قال تعالى: (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٤٨) .

الآيةُ محكَمة، وهي تَنهى عن إِيذاءِ الكافرين والمنافقين، صَحيح، لكن

مَنْ هم الذينَ تَنهى الآيةُ عن إِيذائِهم، إِنهم الكافرونَ والمنافقونَ الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>