قارون، وكلامُ المَؤَرِّخين ليس يقينياً قاطعاً، إِنما هو محتملٌ للصحةِ والخَطَأ،
فلا يُعْتَمَدُعليه.
وكلامُ الأَحبارِ أَيضاً ليس يَقينيّاً، فلا يُعْتَمَدُ عليه، ولا يُحْكَمُ به على
كلامِ اللهِ في القرآن، ولذلك لا نقول: إِنَّ قورحَ هو الذي خرجَ على
موسى - صلى الله عليه وسلم -، مع اثنيْنِ من بني إِسرائيل، وأَنَّ اللهَ خَسَفَ بالثلاثةِ في البرية.
ونتوقَّفُ في هذا الكلامِ الذي ذَكَرهُ الأَحْبار، فلا نُصَدّقُه ولا نُكَذِّبُه..
والذي نقولُه ونؤمنُ به أَنَّ قارونَ المذكورَ في القرآنِ ليس هو قارونَ ملكَ
ليديا، ولا قورحَ الذي خَرَجَ على موسى، قارونُ المذكورُ في القرآنِ إِسرائيليّ من قومِ موسى، وقد أَغناهُ الله، وآتاهُ من الكنوزِ ما يعجزُ الرجالُ الأَشدّاءُ الأَقوياءُ عن حَمْلِه، واختارَ الكفْرَ والبغيَ والطغيان، وانحازَ إِلى فرعونَ ضدَّ قومِه الإِسرائيليين، واستخدمَ أَموالَه وكنوزَه في محاربةِ موسى - صلى الله عليه وسلم - وأَتْباعِه، ولم يَستجبْ لنصْحِ الناصحين المؤمنين، فعاقَبَه اللهُ وخَسَفَ به وبدارِه الأَرض، قال تعالى: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (٨١) .
والراجحُ أَنَّ قارونَ الإِسرائيليَّ كان قد انضمَّ إِلى فرعونَ ضدَّ بني إِسرائيل،
قبلَ أَنْ يبعثَ اللهُ موسى - عليه السلام - نبيّاً إِلى فرعون، ولذلك أَرسلَه اللهُ نبيّاً إِلى الطُّغاةِ الثلاثة: فرعونَ وهامانَ وقارون.
قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) .
والراجحُ أَنَّ اللهَ خَسَفَ بقارونَ ودارِه الأَرض في مصر، قبلَ أَنْ يَخرجَ
بنو إِسرئيل منها!!.
***
[بين داود وسليمان - عليهما السلام -]
كان داودُ رسولاً ومَلكاً على بني إِسْرائيل، وكان ابْنُه سليمان نبيّاً مَلكاً
من بعدِه على بني إِسرائيل، وكان سليمانُ مساعِداً لأَبيه في عهدِه - عليه السلام -.