شَعيراً، والعنبَ لا يَصيرُ تيناً، في الوضع الطبيعي، لأَنَّ القمحَ قمحٌ، والشَّعيرَ شعيرٌ..
لكن لو أَرادَ اللهُ أَنْ يَجعَل القمح شعيراً فَعَل، فلا رادَّ لمشيئته.
والإِنسانُ لا يَصيرُ قِرْداً في الوضع الطبيعي، لأَنَّ الإِنسانَ إِنْسان، والقِردَ
قِرْد، واليهودُ سكانُ تلك القريةِ لم يَكونوا أَصلاً قُروداً، ولم يَصيروا قُروداً
برغبتِهم واختيارِهم وإِرادتِهم.
إِنَّ اللهَ هو الذي مَسَخَهم قُروداً، وحَوَّلَهم من بَشَرٍ إِلى قُرود، ومَنْ نَظَر
إِليهم رآهُم قُروداً، وكان هذا المسخُ والتحويلُ خارقةً من الخوارق، وآيةً من آياتِ الله، ولذلك لا يَدْعو الأَمْرُ إِلى الاستغرابِ والإنكار والاعتراض،
ومرجعيّتنا هي القرآنُ الكريم، وكلُّ ما وردَ فيه نؤمنُ به، ونصَدقُه، وبما أَنَّ اللهَ قالَ لأولئك القومِ: كُونوا قردةً خاسئين، فقد صاروا قردةً خاسئين، لأَنَّ اللهَ يَقول: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) .
***
[حول عالم الجن]
للفادي المفترِي موقفٌ خاص من الجنّ، فهو يَرفضُ وُجودَ هذا العالَم
الخَاصّ، الذي أَخبرَ عنه القرآن، ولذلك هو يُخَظَئُ القرآنَ في كلامِه عنه..
وقد سَجَّلَ الفادي آياتٍ من سبعِ سورٍ تتحدَّثَ عن الجن: سورةُ الحجر: ٢٧، وسورةُ هود: ١١٩، وسورةُ الأَحقاف: ٢٩ - ٣٠، وسورةُ الذاريات: ٥٦، وسورةُ الجن: ١ - ١٧، وسورةُ سبأ: ١٢ - ١٣، وسورة النمل: ١٧ و ٣٨ - ٣٩.
وقالَ بعدَ تلك الآيات: "يُخبرُ القرآنُ بوجودِ خليقةٍ غيرِ الشياطينِ اسْمُها
الجنُّ والعَفاريت، مخلوقونَ من نارِ جهنّم، وهم يأكُلونَ ويَشربون،
ويتزوَّجون، ويَحيون ويَموتون، ومنهم المسلمونَ الذينَ كانوا يزدَحِمون حول محمدٍ عندَ قراءَتِه القرآن، وأَنهم كانوا مُسَخَّرين من سليمانَ لبناءِ الهيكل والقصور والتماثيل وغير ذلك ".