وقد أَخطأَ الفادي عندما قالَ عن المادَّةِ التي خَلَق اللهُ منها الجنّ، حيثُ
قال: " وهم مخلوقونَ من نارِ جَهَنَّمَ "! وكأَنه لا نارَ إِلّا نارُ جهنَّم!!.
خَلَقَ اللهُ الجنَّ من نارِ السَّموم، لقوله تعالى: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (٢٧) .
ولكنَّ هذه النارَ الحارةَ الحاميةَ نارٌ في الدُّنيا، وليستْ نارَ جَهَنَّمَ..
وكأَنَّ الفادي الجاهلَ لا يَرى إِلّا نارَ جَهَنَّمَ!! إِنهما ناران: نارُ
الدنيا المعروفَة..
ونارُ جَهَنَّمَ التي أَعَدَّها اللهُ للكافرين.
والنارُ التي خَلَقَ اللهُ منها الجنَّ هي نارُ الدنيا.
وعَلَّقَ على ذلك بأَسئلتِه التشكيكيةِ التي أَثارَها: " ونحنُ نسأل: إِن كانت
العفاريتُ مخلوقةً من نار، وهي روحانيةٌ تَصْعَدُ وتَنزل، وتخترقُ جميعَ
الأَماكن، فكيفَ تتزوَّجُ؟ وكيفَ تموت؟ ".
إِنه يريدُ أَنْ يَقيسَ عالَمَ الجنِّ على عالَمِ الإِنس، فعالَمُ الإِنسِ عالَمٌ مادِّيّ
مشاهَدٌ محسوس، يأكلُ ويَشرب، ويَتزوجُ ويَعملُ ويَتحرك..
لكنَّ عالَمَ الجنِّ عالمٌ آخَرُ خاصٌّ، وهو عالمٌ غيبيّ، له مقاييسُه الغيبيةُ الخاصَّة، التي لا تُقاسُ على مقاييسِ عالَمِ الإِنسِ الماديّ.
وطريقُنا إِلى معرفةِ عالمِ الجنِّ الغيبيِّ هي النَّصّ، القائمُ على آياتِ
القرآن، وما صَحَّ من حديثِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فما قالَه اللهُ عن عالَمِ الجنِّ يَجبُ قبولُه وأَخْذُهُ والإيمانُ به.
وللإِجابةِ على تَساؤُلاتِ الفادي الجاهلِ نَقول: خَلَقَ اللهُ الجِنَّ من مارجٍ
من نار، وهم ذُكورٌ وإِناث، ولذلك يَتَزوَّجون ويَتَناسَلونَ ويَتكاثرون، وهم
يَأكلونَ ويَشربون، ويَصْعَدون ويْنزِلون، ويَعْمَلون، ويَتحركون، ويعيشونَ
ويموتون..
ومنهم المؤمنودن الصالحون، ومنهم الكافرون المجرمون، وهم
مُكَلَّفونَ مِثْلَنا بكلّ تكاليفِ الإِسلام، فمنهم مَنْ يُطيعُ ويُنفِّذُ، ومنهم مَنْ يَعصي ويُخالف..
وليس في الإِيمانِ بِالجنِّ ما يُخالِفُ العلمَ، أَو يتناقَضُ مع العقل!.