(حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) .. (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) .. (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) .
الفادي وأَهْلُ ملَّتِه يُؤْمنون بأَنَ نَعيمَ الجنةِ معنويّ وليس ماديّاً، فليس في
الجنةِ طَعامٌ ولا شرابٌ ولا استمتاعٌ بالنساء! ولذلك اعتبرَ حديثَ القرآنِ عن
نساءِ الجنةِ من بابِ إِغراءِ المسلمين بذلك، لأَنهم مُتَبِعون للهوى.
أَما نحنُ المسلمين فإِنَنا نؤمنُ أَنَّ نعيمَ الجنةِ مادّيّ ومعنوي، ففيها طَعامٌ
وشَرابٌ واستمتاعٌ بالنساء، وفيها قُصورٌ وأَثاث، وأَرائكُ ولباس، وفيها بساتينُ وجنات، وفيها فوق هذا كُلّه رضوانٌ من اللهِ عليهم، وسَعادَةٌ غامرةٌ تَملأُ حياتَهم " قال تعالى: (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٧١) .
وهم لم يَدْخُلوا الجنةَ إِلّا بعدما صَدَقوا مع اللهِ في الدنيا، وأَحسنوا
عبادَتَه، ونَهوا نُفوسَهم عن الهوى والشهوةِ في الدنيا " قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١) .
[أحد عشر: التناقض في الخمر بين الحل والحرمة:]
كيفَ حَرَّمَ اللهُ الخمرَ في الدنيا، وأَباحَها للمؤْمنين في الجَنَّة؟
اعتبرَ الفادي هذا تَناقُضاً في القرآن.
ذَكَرَ الآيةَ التي حَرَّمت الخمرَ في الدُّنيا، وهي قولُ اللهِ - عز وجل - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) .
وذَكَرَ مُقابِلَها الآيةَ التي أَباحت الخمرَ في الآخرة، وهي قولُ اللهِ - عز وجل -: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى..)
وذكر بجانبها قوله تعالى عن شرب المؤمنين الخمر فىِ الجنة، وهي قوله تعالى: (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦) .