للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَبَّرَ القرآنُ عن رَدِّ - العدوانِ بالعدوان، وذلك في قوله: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) .

وهذا يُسَمّى " مشاكلةً "، وهي الاتفاقُ في اللفظِ مع الاختلافِ في المعنى! فاعتداءُ المعْتَدين مَذْموم، لأَنَهُ يَقومُ على البغيِ والظلمِ، واعتداءُ المسلمين على المعتدين محمودٌ ممدوح، لأَنه يقومُ على مواجهةِ العُدوانِ والقضاءِ عليه!.

***

[حول إباحة تعدد الزوجات]

أَباحَ القرآنُ تَعَدُّدَ الزوجاتِ في قولِه تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣) .

واعترضَ الفادي على هذه الرخصة، وهاجَمَ إِباحةَ القرآنِ لها.

قال: " ونحنُ نسأَلُ: هل يُبيحُ دينٌ من عندِ الله تَعَدّدَ الزوجات، بخلافِ شريعةِ الله، الذي في البدءِ خَلَقَ الإِنسانَ، ذَكَراً وأُنْثى، وجعلَهما جَسَداً واحداً؟ " (١) (٢) .

وهو في هذا الكلامِ القبيحِ يَنفي أَنْ يكونَ الإِسلامُ ديناً من عندِ الله،

ويَنْفي أَنْ يكونَ القرآنُ الذي أَباحَ التعددَ كلامَ الله، ويَعتبرُ التعدُّدَ مخالِفاً

لسنةِ الله، في أَنْ يكونَ للرجلِ امرأةٌ واحدة! فاللهُ خَلَقَ لآدمَ أُنثى واحدةً هي

حواء! فلماذا الزوجتان والثلاث والأربع؟!.

واعتراضُه مجردُ كلامٍ تافِه لا وَزْنَ له.

وليسَ في إِباحةِ تَعَدُّدِ الزوجاتِ في القرآنِ ما يُخالفُ الفطرهً أَو يتصادَمُ مع العقل والمنطق، وِإذا جازَ أَنْ يكونَ للرجلِ زوجةٌ واحدة، جازَ أَنْ يكونَ له زوجتان أَو ثلاثٌ أَو أَربع، وهناك حالاتٌ خاصةٌ قد يَمُرُّ بها الرجل، أَو تمرُّ بها المرأةُ، أَو يمرُّ بها


(١) التعدد موجود في العهد القديم التي يؤمن بها هذا الكذوب، ولم تحرم في النصرانية إلا بقرارات من رجال الكنيسة، ولا يوجد نصٌّ واحد في النصرانية يحرم تعدد الزوجات.
(٢) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
١٢٥- تحليل الشهوات
١ - إن القرآن أباح للمسلمين أكثر من زوجة.
٢ - إن الله فى الجنة سيرزق المؤمنين بنساء من الحور العين. وليست الجنة مكاناً للشهوات الحسية، ولا يبيح دين من عند الله تعدد الزوجات.
الرد على الشبهة:
إن هذه الشبهة مكونة من جزأين:
الجزء الأول: تعدد الزوجات،
والجزء الثانى: إباحة الشهوات الحسية فى الجنة.
والرد على الجزء الأول هو:
إن إبراهيم - عليه السلام - كان متزوجاً من سارة وهاجر وقطورة. وهو أب لليهود والنصارى والمسلمين. وأيضاً كانت له سرارى كثيرة لقوله: " وأما بنو السرارى اللواتى كانت لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحاق ابنه شرقاً إلى أرض المشرق وهو بعد حى " [تك ٢٥: ٦] وموسى كان متزوجاً من مديانية وحبشية [عدد ١٢: ١] ويعقوب - عليه السلام - كان متزوجاً من حرتين وأمنين وهما ليئة وراحيل وزلفة وبلهة [تك ٢٩ وما بعده] وكان لداود نساء هن: أخينوعم اليزرعبلية - أبيجايل - معكة - حجيث - أبيطال - عجلة. الجميع ستة عدا بثشبع امرأة أورياالحثى التى أنجب منها سليمان - عليه السلام -[صموئيل الثانى ٣: ١ - ٥] وكان لسليمان " سبع مائة من النساء السيدات، وثلاث مائة من السرارى " [الملوك الأول ١١: ٣] .
وفى الإنجيل أنه كان للمسيح أربع إخوة هم: يعقوب وموسِى ويهوذا وسمعان [مرقس ٦: ٣] واتفق النصارى على أن مريم أتت به بغير زرع بشر. وإذ هذا حاله. فهل هؤلاء الأربعة على الحقيقة إخوة أم على المجاز؟ اختلفوا. لأن متى قال عن يوسف النجار: " ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر " [مز ١: ٢٤] فيكون قد عرفها بعد ولادته. وإن منهم لفريقاً يقولون: " إنها ظلت عذراء إلى أن ماتت، وإن الأربعة أولاد ليوسف عن زوجة سابقة له على مريم ". وعلى أية حال فإن غرضنا وهو إثبات تعدد الزوجات بإخوة المسيح الأربعة. وفى تفاسير الإنجيل أنه كان له أختان أيضاً هما أستير وثامار؛ يكون ملزماً لهم بإثبات التعدد.
والرد على الجزء الثانى هو:
إن التوراة تصرح بالبعث الجسدى والروحى معاً. فيكون النعيم حسيًّا، والعذاب حسيًّا. والإنجيل يصرح بالبعث الجسدى والروحى معاً. ولكن بُولُوس صرح بالبعث الروحى لغرض اللغو فى حقيقة ملكوت السماوات. ولسنا ههنا بصدد مناقشته. وإنما نحن ههنا بصدد إثبات البعث الجسدى والروحى. ففى إنجيل مرمقس يقول المسيح: " وإن أعثرتك يدك فاقطعها، خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن يكون لك يدان وتمضى إلى جهنم. إلى النار التى لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ.. إلخ " [مر ٩: ٤٣ - ٤٤] وفى إنجيل متى " وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك؛ لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائه، ولا يلقى جسدك كله فى جهنم " [متى ٥: ٣٠] .
وفى سفر إشعياء عن المُسرّات فى الجنة: " لم تر عينا إنسان ولم تسمع أذناه ولم يدرك قلب بشر ما أعده الله للذين يحبونه " [إش ٦٤: ٤] واستدل به بولس فى الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس [٢: ٩] ، وفى سفر أيوب: " أعلم أن إلهى حى، وأنى سأقوم فى اليوم الأخير بجسدى وسأرى بعينى الله مخلّصى " [أى ١٩: ٢٥ - ٢٧] وفى ترجمة البروتستانت: " وبدون جسدى ".
وفى سفر إشعياء عن عذاب جهنم: " يجلس خدمى على مائدتى فى بيتى، ويتلذذون بابتهاج مع حبور ومع صوت الأعواد والأراغن ولا أدعهم يحتاجون شيئاً ما، أما أنتم أعدائى فتطرحون خارجاً عنى حيث تموتون فى الشقاء، وكل خادم لى يمتهنكم " [إش ٦٠: ١٣] . اهـ (شبهات المشككين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>