وكم كانَ الفادي بَذيئاً فاقِدَ الذوقِ والأَدَبِ والحياءِ في تَعليقِه السَّمِجِ
على تلكَ الأُكذوبة، حيثُ قال: " فإِذا كان القرآنُ أَقوالَ الله، فلماذا لم
يَحْفَظْهُ اللهُ من الضَّياعِ في جوفِ بَهيمة؟ ".
***
[حول إحراق عثمان المصاحف]
أَثارَ الفادي الشبهاتِ حولَ إِحراقِ عثمانَ - رضي الله عنه - المصاحفَ المخالفةَ لمصحَفِه، واعتبرَ هذا طَعْناً في صحةِ القرآنِ وحِفْظِه، ودَليلاً على أَنَّ القرآنَ ليسَ من عندِ الله.
ويَتناقضُ مع قوله تعالى: (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٦٢) .
فالآيةُ تُقررُ أَن سنةَ اللهِ لا تَتَبَدَّل، وعثمانُ بَدَّلَ القرآن، وهذا معناهُ
أَنَّ القرآنَ ليس كلامَ الله، فلو كان كلامَ اللهِ لمنَعَ اللهُ عُثمانَ من تبديلِهِ إ!.
قال الفادي المفترِي في تَعْليقِه على الآيةِ السابقة: " أحرقَ عثمانُ بنُ
عَفّان - ثالثُ الخلفاءِ الراشدين - جميعَ نُسَخِ القرآنِ التي تَختلفُ عن نسخَتِه، وأَبقى على نسختِه التي كَتَبَها هو.
ونحنُ نسأل: أَليستْ جَميعُ الأَقوالِ التي تَختلفُ عن نسخةِ عُثْمان قُرآناً؟
فلماذا أَحْرَقَها؟
ولماذا لم تُحْفَظْ من الضَّياعِ بالنار إِنْ كانَتْ أَقوالَ الله؟
ولماذا بَدَّلَ قرآناً بقُرآن، وأَحرقَ الواحدَ وأَبقى على الآخر؟ ".
يَكذبُ الفادي عندما يَدَّعي أَنَّ عُثمانَ كَتَبَ نسخَتَه من القرآن، وأَنه حَرَقَ
كُلَّ النسخ المخالفةِ لها، ومَنْ يقرأُ هذا الكلامَ يَظُنُّ أَنَّ عُثمان أَلَّفَ القرآنَ من
عنده، وأَنه حَرَّفَه وغَيَّرَه وبَدَّلَه، واستَغَلَّ منصبَه باعتباره خليفَةً، لإِقرارِ واعتمادِ نسختِه المبَدَّلَة المحَرَّفَة، وإِتلافِ جميعِ النسخِ الأُخْرى المخالفةِ لها.
ولا يَتَّسِعُ المجالُ للحديثِ المفَصَّلِ عن جَمْعِ القرآنِ وحِفْظِه والمراحلِ
التي مَرَّ بها، إِنما نُشيرُ إِشارةً سريعةً إِلى ذلك.