للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ هذا الكلامَ الرائعَ لِعُمر أَبلغُ رَدٍّ على مزاعمِ المفَتري، وهو صريحٌ في

نظرةِ المسلمينَ إِلَى الحجرِ الأَسود وهم يُقَبِّلونَه، كما أَنه دَليلٌ على صفاءِ

توحيدِ الله في تصوُّرِ المسلمين.

***

[حول عدم الاستعانة بالكافرين]

نهى اللهُ المسلمينَ عن اتِّخاذِ الكافرينَ الأَعداءَ أَولياءَ، وأَشارَ إِلى ذلك

قولُه تعالى: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٨٩) .

ونَقَلَ الفادي كلامَ البيضاويِّ في تفسيرَ الجملةِ الأَخيرةِ من الآية: (وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) : يَعني جانِبوهم رأساً، ولا تَقْبَلوا منهم ولايةً ولا

نصرةً ولا نصيراً تَنْتَصِرونَ به على عدُوّكُم.

وعَلَّقَ على ذلك بقولِه: " ونحنُ نسأل: هل يَتفقُ هذا مع تاريخِ

المسلمين، الذين اسْتَعانوا بالمسيحيّين في عصورٍ كثيرةٍ؟

إِنَّ الضرورةَ الاجتماعيةَ والعسكرية تُحَتّمُ التعاونَ مع الغير، فالعزلة السياسيةُ تتعَارضُ مع القوانينِ المدنية، وقد لَفَظَها المجتمعُ لعدمِ صلاحيَّتِها ".

دَعا الإِسلامُ المسلمين إِلى عدمِ موالاةِ الكافرين، وعدمِ الاستعانةِ بهم،

وخاصةً إِذا كانوا مُحارِبين، وهذا لَم يُعجب الفادي، ولذلك رَفَضَهُ لأَنَّه يَدْعو إِلى العزلةِ السياسيةِ للمسلمينَ، ويَتعارَضُ مع القوانينِ المدنية.

ويزعمُ الفادي أَنَّ هذه الدعوةَ القرآنيةَ لم يَلتزمْ بها المسلمون أَنفسُهم،

بل خَرَجوا عليها في تاريخِهم، واستعانوا بالمسيحيين في عصورٍ كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>