وأَكملَ كلامَه لهم بالإِشارةِ إِلى أَنَّ الحُكْمَ حُكْمُ الله، نافذ على عبادِه،
وهو متوكَلٌ على الله، مُسَلّم أَمْرَهُ لها: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) .
وأَشارَ القرآنُ إِلى أَنَّ يَعقوبَ - عليه السلام - قَضى وحَقَّقَ حاجَةً في نفسه، عندما نَفَّذَ أَبناؤُه طَلَبَه، ودَخَلوا من حيثُ أَمَرَهم: (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا) .
وإِبهامُ القرآنِ لتلك الحاجةِ دَعوة لنا لعَدمِ البحثِ فيها، وعَدَمِ مُحاولةِ
بَيانِها، ومعرفَتُها لا دلَيلَ عليها ولا فائدة منها، ولا يَضيرُنا الجهلُ بها، ولو
علمَ اللهُ في ذِكْرِها خَيْراً لنا لَذَكَرَها.
وليتَ الذينَ حَدَّدوا تلك الحاجةَ فَهموا هذه الإِشارة القرآنية، ولم يُتْعِبوا أَنفسَهم في تحديدِ تلك الحاجةِ بأَنها لدفْعِ العَيْن!.
وبهذا نعرفُ أَنَّ يعقوبَ - عليه السلام - كان كل متوكّلاً على الله عندما طَلَبَ من أَبنائِه أَنْ يَدْخلُوا من أَبوابٍ متفرقة، وأَنَّ هذا ليس خرافةً تُنافي العلْمَ والإِيمان، كما زَعَمَ المفْتَري.
وقد نفى الفادي هذه الحادثة، رَغْمَ وُرودِها في القرآن لأَنها لم تُذْكَرْ في
التوراة وهذا باطل، ومرجَعِيَّتُنا ليست التوراة، إِنما هي القرآن، وذِكْرُ الحادثةِ في القرآن يَكفي لقَبولِها والإِيمانِ بها، سواءٌ ذَكَرَتْها التوراةُ أَمْ لا.
***
[حول بقرة بني إسرائيل]
ذَكَرَتْ سورةُ البقرةِ قصةَ بقرةِ بني إسرائيل في سَبْعِ آياتٍ منها ٦٧ - ٧٣.
وخُلاصَتُها أَنه قُتِلَ قَتيلٌ من بني إِسْرائيل، زَمَنَ موسى - عليه السلام -، ولم يُعْرَف القاتل، ولما رَفَعوا القضيةَ إِلى موسى - عليه السلام -، أَخْبَرَهم بأَمْرِ اللهِ لهم أَنْ يَذْبَحوا بقرة، فعَجِبوا من ذلك، وظَنّوهُ يَهزأُ بهم ما فنفى ذلك، ولما سَأْلوهُ عن عمرِها