لعبادَةِ الله، والذي بَناهُ إِبراهيمُ وإِسماعيلُ - عليهما السلام - لعبادَةِ الله، وستكونُ هذه الكعبةُ المشرفَةُ قِبْلَةً للأُمةِ المسلمةِ القادمة، التي سَيستخلِفُها اللهُ على الأُمم، وسيولَدُ بالقربِ من الكعبةِ محمدُ بنُ عبدِ الله، الذي سيكونُ النبيَّ الخاتم - صلى الله عليه وسلم -.
ومن أَجْلِ هذه المعاني حمى اللهُ الكعبةَ من جيشِ أَبْرَهَة، لا من أَجْلِ
قريشٍ الوثنيّين، وأَمَرَ اللهُ الفيلَ أَنْ لا يَستجيبَ لأَمْرِ أَبرهَةَ بالسيرِ نحو الكَعْبَة، ونَفَّذَ الفيلُ أَمْرَ رَبِّه، وكان ذلك الفيلُ أَعْقَلَ من هذا الفادي صاحبِ العَقْلِ الصَّغير الذي أَنكرَ الحادثة!.
ولم تتوجّه الطيرُ الأَبابيلُ إِلى أَصحابِ الفيلِ بنفسها، إِنما اللهُ هو الذي
وَجَّهَها وأَرسَلَها، واللهُ هو الذي حَمَّلَها الحجارةَ من سِجّيل، وأَمَرَها أَنْ
تقصفَ بها أَصحابَ الفيل.
إِنَّ الأَفعالَ في سورةِ الفيلِ مسنَدَة إِلى الله، فاللهُ هو الذي فَعَلَ بأَصحابِ
الفيل ما فَعَل، وهو الذي أَرسلَ عليهم الطيرَ الأَبابيل، وهو الذي أمَرَها أَنْ
تَرميهم بالحِجارة، وهو الذي أَهْلَكَ أَصحابَ الفيل، وهو الذي جَعَلَهم كعصفٍ مأكول ...
وكانت حادثةُ أَصحابِ الفيل " إِرْهاصاً " ومُقَدّمَةً للإِسلام، وتهيئَةً له،
والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - وُلِدَ عام الفيل، وبَعَثَهُ الله ُ نبيّاً بعدَ أَربعينَ سنةً من الحادثة.
ولذلك ذَكَرَها اللهُ في القرآن، باعتبارِها آيةً من آياتِه.
***
[هل خاف يعقوب على أبنائه من العين؟]
عندما تَوَجَّهَ أَبناءُ يَعقوبَ الأَحَدَ عَشَرَ إِلى عَزيزِ مِصر - الذي هو أَخوهم
يوسُفُ وهم لا يَعرفونَه - طَلَبَ منهم أَبوهم أَنْ لا يَدْخُلُوا من بابِ واحد،
وإِنما يَدخلونَ من أَبوابٍ متفرقَة، قالَ اللهُ - عز وجل -: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) .