أَنْ لا يُهلكَ نفسَه هَمّاً وغَمّاً وحُزْناً عليهم، ومن المعلومِ أَنه إِذا زادَ الهَمُّ
والغَمُّ عند إِنساب، فإِنه قد يَقْضي عليه.
***
[خرافة امتحان خديجة لجبريل]
انتقلَ الفادي الجاهلُ من ادِّعاءِ محاولاتِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - الانتحارَ إِلى ادِّعاءٍ آخَرَ، أَشَدَّ منه بُطْلاناً، وأَكْثَرُ غرابة.
وهو أَنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - لم يكنْ متأكِّداً
أَنَّ الذي يأتيه هو جبريل، وظَنّ أَنه يُمكنُ أَنْ يكونَ جنّيّاً شيطاناً، فكلَّفَ امرأَتَه خديجةَ أَنْ تمتحنَه، فتأكَّدَتْ أَنه جبريلُ وليسَ شيطاناً.
قالَ المفترِي في افترائِه وادّعائِه: " مَنْ نَظَرَ في الأَحاديث التي هي عندَ
المسلمين بمنزلة القرآن، في الاعتقاداتِ والمعاملات، رأى أَنَّ محمداً كان
غيرَ متأكِّدٍ من وحْيه ".
كَذَبَ المفْتَري عندما ادَّعى أَنَّ الأَحاديثَ عند المسلمين بمنزلةِ القرآن..
ولم يَدَّعِ أَحَدٌ من المسلمين هذا الادّعاء، فمن البدَهيّات عندَ كُلّ مسلمٍ أَنَّ
الأَحاديثَ ليستْ بمنزلةِ القرآن، لأَنَّ القرآنَ كلامُ الله، والأَحاديث كَلامُ
رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وهما ليسا بمنزلةٍ واحدة.
وادَّعى المجرمُ أَنَّ الأَحاديث تدلُّ على أَنَّ محمداً كانَ غيرَ متأكّدٍ من
الوحي، مع أَننا ناقَشْناهُ في هذا الادعاء قبلَ قليل، وبَيّنّا أَنّه كان على يَقينٍ
كاملٍ أَنه رسولُ الله.
وزَعَمَ الفادي المفترِي أَنَّ خديجةَ - رضي الله عنها - طَلَبَتْ من الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - أَن يُخبرَها بقدومِ جبريل، لأَنَّها نَوَتْ أَنْ تمتحنَه..
فلما قَدِمَ جبريلُ أَخبرها..
فطلبتْ منه أَنْ يَجلسَ على فَخذها، فجلسَ وما زالَ يَرى جبريل.
فأَلْقَتْ خِمارَها عن رأسِها وكَشَفَتْ شَعْرَها، ولما رأى جبريلُ شعْرَها خرجَ من البيت.
فقالَتْ خديجة: يا ابْنَ عَمّي! اثبتْ وأَبْشِرْ..
فواللهِ إِنه لَمَلَكٌ وليس بشيطان.