رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وإِنما هو من فعل اللهِ وحدَه، فالكلامُ كلامُه، والأَمرُ أَمرُه، وهو أَعلمُ بما يُنزلُ من الآيات، وأَعلمُ بما يَنَسخُ ويُبدلُ ويُبقي من الأَحكام.
ولذلك لما طلبَ الكفارُ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تغييرَ القرآنِ أَو تبديلَه، كان يردُّ عليهم بأَنه لا يكونُ له ذلك، لأَنه متَّبعٌ لشرعِ الله، قال تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) .
فلا تَعارضَ بين الآياتِ التي تَنفي إِمكانيةَ التبديلِ لكلماتِ الله، وتلك
التي تُثبتُ ذلك، لأَنَّ كُلَّ مجموعةٍ متوجهةٌ إِلى حالَة، بتَناسقٍ وتَوازنٍ وتَكامل.
الآياتُ التي تَنفي التبديلَ متوجهةٌ إِلى المخلوقين، فلا يُمكنُ لأَيِّ
مخلوقٍ - مهما عَلَتْ منزلتُه وعَظُمتْ قوتُه - أَنْ يُغيرَ أَو يُبدلَ كلماتِ الله، سواء كانتْ أَقدارَ الله، أَو كانت بعضَ آياتِ كتابِه.
والآياتُ التي تُخبرُ عن إِمكانيةِ تبديلِ آياتِ القرآن، تجعلُ ذلك بيدِ اللهِ
وحده، فهو صاحبُ الحَقِّ في نسخِ وتبديلِ ما يشاءُ من آياتِه، وفْقَ ما يعلمُه من الحكمة، وما يحققُه لعبادِه من المصلحة.
فأَينَ التعارضُ والتناقضُ بين الآيات؟
المشكلةُ في جهلِ الفادي المفترِي، الذي يصدقُ فيه قولُ الشاعر:
وَكَمْ من عائِبٍ قَوْلاً صَحيحاً ... وآفَتُه هي الفَهْمُ السَّقيمُ
ثانياً: التفاوت في مقادير أيام الله:
زعمَ الفادي الجاهلُ أَنَّ القرآن متناقِضٌ في حديثِه عن مقاديرِ الأَيامِ
عند الله، فما مقدارُ اليوم، هل هو أَلْفُ سنة، أم هو خمسونَ أَلْفَ سَنَة؟!.
هناك آية تُخبرُ أَنه أَلْفُ سنة، قال تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) .
وهناك آية أُحْرى تخبرُ أَنه خمسونَ أَلفَ سنة، قال تعالى: