ونَصت الآيةُ على حكمةِ هذا الزواج: (لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا) ، وأَدعياؤهم هم أَبناؤُهم بالتبني، ويَجوزُ للرجلِ أَنْ يتزوَّجَ مُطَلَّقَةَ ابنِهِ بالتبنّي، لأَنه ليس ابنَه حقيقة.
وأَخبرت الآيات ُ أَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - ليس أَباً لأَحَدٍ من
رجالِ المسلمين: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) .
وشاءَ اللهُ الحكيم أَنْ يموتَ أَبناؤُه وهم صغار.
وبهذا نعرفُ أَنه لا منسوخ ولا ناسخ في الآية التي تحدثَتْ عن ذلك
الزواج، وليس في الأَمْرِ هوى أَو شهوة، كما قالَ ذلك المجرمُ المفترِي.
٤ - حولَ النسخ في معاشرة الزوجات في ليل رمضان:
أَثارَ الفادي المجرمُ سؤالاً خَبيثاً حولَ النسخِ في بعضِ أَحكامِ الصيام:
" لماذا نُسخَ الامتناعُ عن النساءِ وقتَ الصيام؟ ".
واعترضَ فيه على قولِ اللهِ - عز وجل -:
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) .
وعَلَّقَ المجرمُ على الآيةِ زاعماً اكتشافَه السببَ الحقيقيَّ للنسخ، فقال:
" جاءَتْ هذه الآيةُ الناسخةُ بعدَ اعترافِ أَصحابِ محمد، ومنهم عمرُ بن
الخطاب، أَنهم خانوا نِظامَ الصيامِ المتَّبَع، بإِتْيانِهم نساءهم بعد صلاةِ العشاء،
فجَعلت الآيةُ الناسخةُ الممنوعَ ممكِناً، والمحَرَّمَ مُحَلَّلاً "!!.
إِنَّ المجرمَ يأْبى إِلا الغَمز واللمزَ والإِيذاء، ولذلك عَلَّقَ على القصةِ
الصحيحةِ باعترافِ بعضِ الصحابة بمخالفتِهم بقوله: " فجعَلت الآيةُ الناسخةُ
الممنوعَ ممكِناً، والمحرمَ مُحَلَّلاً ".
مع أَنَّ النسخَ هنا ليس تَحليلاً للحرام، وإِنما هو إِلغاءٌ وإِبطالٌ للحرام، ووضْع للحَلالِ مكانَه.
ولذلك عَرَّفَ العلماءُ النسخَ قائلين: هو رَفْعُ حُكْمٍ شرعيٍّ بدليلٍ شرعيٍّ متأَخّر.