للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له داود: اذهبْ فإِنَّ الغنمَ كُلَّها لك!.

فَمَرَّ صاحبُ الغنمِ بسليمان، وأَخبرَه بالذي قَضى به داود..

فَدَخَلَ سليمانُ على داود - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا نبيَّ الله! إِنَّ القضاءَ سِوى الذي قَضيْتَ!.

فقالَ له داودُ: كيفَ؟

قال سليمانُ: إِنَّ الحرثَ لا يَخفى على صاحبِه ما يخرجُ منه في كُلِّ عام، فلَه أَنْ يَبيعَ من أَولادِها وأصوافِها وأَشعارِها، حتى يستوفيَ ثمنَ الحَرْث! فقالَ له داودُ: أَصبتَ.

القضاءُ ما قضيتَ!.

وفي روايةٍ أُخْرى لابنِ عباسِ: أَنه قال: قضى داودُ بالغنمِ لأَصحابِ

الحَرْثِ، فقالَ لهم سليمانُ: كيفَ قضى بينكم؟

فأَخْبَروه..

فقالَ لهم: لو وُلّيتُ أَمْرَكْم لقضيتُ بغيرِ هذا! فأُخبرَ داودُ بكلامِ سليمانَ، فقال له: كيفَ تَقْضي بينَهم؟.

قالَ سليمانُ: أَدفعُ الغنمَ إِلى صاحبِ الحَرْثِ، فيكونُ له أَولادُها وأَلبانُها

ومنافعُها، ويَبذُرُ أَصحابُ الغنمِ لأَهْلِ الحَرْثِ مثْلَ حَرْثهم، فإِذا بَلَغَ الحرثُ

الذي كانَ عليه، أَخَذَ أَصحابُ الحرثِ حَرْثَهم، وردّوا الغَنَمَ إِلى

أَصحابِها.

إِنَّ هذا التفصيلَ موقوفٌ على ابنِ عباس، ولم يرفَعْهُ إِلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،

ونحنُ نذكُرُ كلامَه من بابِ الاستِئْناس، مع التحفُّظِ والاحتياط.

لكنَّنا نقولُ: لم يُخطئْ داودُ - صلى الله عليه وسلم - في حُكْمه، لأَنه معصومٌ من الله، إِنما نقول: كانَ حُكْمُهُ خلافَ الأَوْلى، فَفَهَّمَ اللهُ سليمانَ المسألةَ، وأَلهمه الحُكْمَ الأَصَحَّ والأَوْلى.

فحُكْمُ داودَ صحيحٌ صواب، ولكنَّ حُكْمَ سليمانَ هو الأَصَحُّ الأَصوبُ..

والله أعلم!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>