ونَرُدُّ القولَ الذي أَوردَه البيضاوي من أَنَّ ذا القرنين هو الإسكندرُ الأَكبرُ
الرومي، ملكُ اليونانِ المعروف، الذي فَتَحَ بلادَ اليونان والرومان وتركيا
والشام ومصر وفارس، وماتَ في شبابِه في مدينةِ بابل، كما قال المؤرخون.
فهذا القول خطأ، وإنْ قالَ به كثيرٌ من المؤَرِّخين والإِخباريّين
والمفَسِّرين، لأَنه يَتعارضُ مع القرآن، فالإِسكندرُ المقدونيُّ الرومي كان وثنياً
كافراً مشركاً بالله، وذو القرنين كان رَجُلاً مؤمناً صالحاً داعياً إِلى الله، فأَيْنَ
هذا من هذا؟!.
إِذنْ أَخْطَأَ البيضاويُّ - رحمه الله - ومَنْ معه عندما قالوا: ذو القرنين هو
الإِسكندر! لكنَّهُ خطؤُهم وليسَ خَطَأ القرآن.
وبهذا نَرُدُّ الأَسئلةَ والإِشكالاتِ التي أَثارها الفادي على حديثِ القرآنِ
عن ذي القرنينِ في قوله: " ونحنُ نسأل: كيفَ يَجعل القرآنُ إِسكندرَ الأَكبرَ
الملكَ اليونانيَّ الوثنيَّ نبيّاً يُخاطبُه اللهُ ويُوحي إِليه؟
وكيفَ يَعْزو إِليه زيارةَ سدودٍ تَحُدُّ الأَرضَ وآبارٍ تَغيبُ فيها الشمس؟
وإِذا كانَ إِسكندرُ عَمَّرَ جيلَيْن كما قال البيضاوي، فما كانَ أَقصر أَعمارِ أَهلِ زمانه؟
فالتاريخُ يقول: إِنَّ إِسكندرَ توفيَ ابنَ ثلاثٍ وثلاثين سنة في مدينة بابل سنة (٣٢٣ ق. م) ، وكيفَ يكونُ نبيّاً أَو صالِحاً مؤمناً، وقد كانَ من عبدةِ الأَوثان، وادَّعى أَنه ابنُ آمون إِله المصريين؟! ".
إِنَّ الفادي يَفتري ويُغالط وَيَتَلاعب، ويتهمُ القرآنَ بما ليسَ فيه، ويَحَمّلُه
أَخطاءَ المفسِّرين، ويَنسبُ كلامَ المفسِّرين إِلى القرآن.
إِنه يَكذبُ في قولِه: " كيفَ يجعلُ القرآنُ إِسكندرَ الأَكبرَ الملكَ اليونانيَّ
الوثنيَّ نبياً يُخاطبُه اللهُ ويوحي إِليه؟ ".
مع أَنَّ القرآنَ لم يَقُلْ ذلك، وإِنما أَخْبَرَ عن ذي القرنين، ولم يُصَرِّحْ بنبوةِ ذي القرنين، فضلاً عن أَنْ يَقول: إِنَّ ذا القرنين هو الإِسكندر، وإِنه نبيّ!.
إِنَّ الذي قَال بأَنَّ ذا القرنين هو الإِسكندرُ هو البيضاوي ومَنْ معه من