للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤) .

وعَلَّقَ الفادي المفترِي على الآيةِ بقولِه: " ونحنُ نَرى الأَثَرَ السيِّئَ لمبدأ

الأَخْذِ بالثَّار متفَشيا بسببِ هذا القول، وكم تَعِبَ رجال الشرطةِ من نتائجِه، وبُحَّتْ أَصواتُ المعلمينَ في التعليم ضدَّه! وهل الاعتداءُ على من اعتدى

علاجٌ للجريمة؟!

إِنَّ العنفَ يُوَلِّدُ المزيدَ من العنف.

قال المسيح: " أَحِبوا أَعداءَكم، بارِكوا لاعِنيكُم، أَحْسِنوا إِلى مُبْغِضيكم،

وصَلّوا لِأَجْلِ الذين يُسيئونَ إِليكم ويَطردونكم " أمَتّى: ٥/ ٤٤،..

وقال أيضاً: " سمعْتُم أَنه قيل: عَيْنٌ بعَيْنٍ، وسِنٌّ بسِنٍّ..

وأَما أَنا فأَقول لكم: لا تُقاوِموا الشَّرَّ، بل مَنْ لَطَمَكَ على خَدِّكَ الأَيمن فَحَوِّل له الآخَرَ أَيْضاً " أمتى: ٣٨/٥ -٣٩،.

وقال الرسول بولس: " لا تَنْتَقِموا لأَنفسِكم أَيها الأَحبّاء، بل أَعْطوا مَكاناً

للغَضَب، لأَنه مكتوبٌ: لي النِّقْمَة، أَنا أُجازي..

فإِنْ جاعَ عَدُوُّكَ فأَطْعِمْه، وإِنْ عَطِشَ فاسْقِه، لأَنك إِنْ فعلْتَ هذا تَجمعُ جمرَ نارٍ على رأسِه، لا يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ، بل اغلب الشَّرَّ بالخير " أرومية: ١٢/ ١٩ - ٢١،..

وقال بطرسُ الرسول: " المسيحُ أَيضأ تَأَلًّمَ لأَجْلِنا، تارِكاً لنا مثالاً لكي تَتَّبعوا خطواتِه: الذي لم يَفْعَلْ خطيئة، ولا وُجِدَ في فَمِه مكر، الذي إِذا شُتِمَ لم يكن يَشْتِمُ عِوَضاً، وإِذا تَأَلَّمَ لَمْ يكنْ يُهَدّدُ، بل كانَ يُسَلِّمُ لمن يَقْضي بالعَدْل " أبطرس: ١٢/ ٢١ - ٢٣، " (١) .

نَقَلَ أَربعةَ أَقوالٍ عن المسيحِ وبولس وبطرس تَذُمُّ العنفَ والعُدْوان،

وتَمدحُ العفوَ والتسامحَ والصَّفْح، وهي أَقوال مأَخوذةٌ من الإِنجيل، وكلُّ

النَّصارى في العالمِ يُؤْمِنون به، فهل التزمَ النّصارى بهذه التوجيهاتِ الأَخلاقية؟

وهل تعَامَلوا مع غيرهم على أَساسِها وهَدْيِها؟

وهل كانَتْ صِلَتُهم بالمسلمين تَقومُ على العفوِ والتسامح؟

وهل رَدّوا إِساءَةَ المسلمين بالإِحسان؟!.

التاريخُ القديمُ والمعاصرُ يَشهدُ بعكْسِ ذلك، فالنَّصارى الصليبيون هم


(١) جاء في كتاب شبهات المشككين ما نصه:
١٢٤- تحليل الانتقام
يقول المؤلف: إن القرآن يحلل الانتقام بقوله: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (١) .
الرد على الشبهة:
قد بينا فى إجابة السؤال الرابع من الجزء الثالث معنى قول المسيح " لطمك على خدك الأيمن فَحَوِّل له الآخر أيضاً ".
ونبين هنا: أن رد الاعتداء ليس فرضاً على المسلمين. فالفرض هو إما رد الاعتداء، وإما الصفح عن الجانى. ورد الاعتداء فرض فى التوراة والصفح عن الجانى فى العدل مرفوض فى التوراة. ففى التوراة: " وإن حصلت أذية؛ تعطى نفساً بنفس وعيناً بعين وسِنًّا بسن ويداً بيد ورجلاً برجل وكيًّا بكى وجرحاً بجرح ورضاً برضى " [خر ٢١: ٢٣ - ٢٥] .
وليس عندهم دفع الدية فى مقابل العفو عن القاتل. أما فى القرآن الكريم ففيه (فمن عُفى له من أخيه شىء؛ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) (٢) أى تخفيف من الحكم القديم الذى كان فى التوراة وهو عدم قبول الدية. اهـ (شبهات المشككين) .

<<  <  ج: ص:  >  >>