في ذلك هو تَحريفُ النصارى لأَناجيلِهم، وإِضافةُ كلامِهم إِلى كلامِ الله فيها، وتَسَرُّبُ الخطأ إِليها، ولذلك لا يُتابِعُها القرآنُ في تلك الأَخطاء!!.
ووجودُ هذه الفروقِ بين القرآنِ والأَناجيلِ دليلٌ على أَنَّ القرآنَ وَحْيٌ من
عندِ الله، فلو أَخَذَ محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - مادَّتَه من الأَناجيلِ لأَخَذَ كُلَّ ما فيها، سواء كان خَطَأً أَو صواباً! وهذا أَمْرٌ يعترفُ به كلُّ مُنْصفٍ محايد، يُفكرُ بعقلِه ويَبحثُ عن الحق!!.
خامساً: ما أخذه من تصرفاته:
زَعَمَ الفادي المفترِي أَنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - مَلَأَ القرآنَ بأَخبارِه وسيرتِه وتصرفاتِه وأَعمالِه.
قال: " يَحوي القرآنُ الكثيرَ من أَحوالِ محمدٍ الشخصية، التي جعلَها
سُنَّةً لأَتْباعِه، فَذَكَرَ فيه غزواتِه وحوادثَ زوجاتِه، عائشة وزينب وخديجة ومارية القبطية وحفصة وأم هانئ وغيرهن..
ودَوَّنَ ما أَصابَه من أَثَرِ السِّحْرِ وتعوُّذاتِه منه، وسَجَّلَ بعضَ أَقوالِ الصحابة، وقالَ: إِنها تنزيلُ الحكيم العليم!! ".
إِنَّ مزاعمَ الفادي باطلةٌ تافهة، فالقرآنُ ليس " سيرةً ذاتيةً " لمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، سَجَّلَ فيها تفاصيلَ حياتِه ودقائقَ أَعمالِه، وليس كتابَ " مذكَّرات "، دَوَّنَ فيها كلَّ ما جرى له، كما يفعلُ الذين يكتبونَ مُذَكَّراتِ حياتِهم!! وإِنَّ الحديثَ عن حياةِ الرسولِ الخاصةِ - صلى الله عليه وسلم - قليلٌ في القرآن.
فقد حَزِنَ - صلى الله عليه وسلم - كثيراً لموتِ زوجِه خديجةَ - رضي الله عنها - قبلَ الهجرة، حتى سُمِّيَ ذلك العامُ عامَ الحزن، وحَزِنَ لموتِ ابنِه
إِبراهيمَ بعد الهجرة..
ولم يَتحدث القرآنُ عن موتِهما، ولا عَنْ حُزْنِ الرسولِ - عليه السلام -، ولو كان القرآنُ من تأليفِه لوجَدْنا فيه صفحاتٍ في رثائِهما ونعيِهما ومشاعرِه تجاههما!.
أَمّا حديثُ القرآنِ عن جهادِ الرسولِ - عليه السلام - لأَعدائِه فهذا لا غرابةَ فيه.
فقد تَحَدَّثَ القرآنُ عن دعوةِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - وتبليغِه، وعن موقفِ أَعدائِه المشركين