نَقَلَ الفادي عن تفسيرِ البيضاويِّ أَنَّ يومَ الجمعةِ في الجاهليةِ كان يُسَمّى
يومَ العَروبَة، وقيلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَمّاهُ يومَ الجمعة كعبُ بنُ لُؤَيّ، أَحَدُ أَجدادِ قريش، لأَنَّ الناسَ كانوا يَجتمعونَ إِليه فَيحدِّثَهم عند الكعبة.
وقالَ البيضاويُّ:
إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلّاها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كانت عندَ قدومِه المدينة حيثُ أدركَتْه صلاةُ الجمعةِ قُبيلَ المدينة، فصَلّاها في تجمعٍ للمسلمين في وادٍ لبني سالم بن عوف.
وَنَقَلَ عن كتابِ بُلوغِ الأَربِ للآلوسي أَنَّ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ كانَ يَجمعُ قريشاً
في ذلك اليومِ حولَ الكعبةِ، ويَخطبُ فيهم، ولذلك سماهُ يومَ الجُمُعة.
وعَلَّقَ الفادي الجاهلُ على ذلك النقل بقولِه: " فيومُ الجمعةِ مصدَرُه عَرَبُ
الجاهلية، ومن وَضْعِ كعبِ بنِ لُؤَي، وليس من وحيِ السماء ".
نُبادرُ إِلى القول: لم يَثْبُتْ بروايةٍ معتمدةٍ ما قالَه البيضاويُّ والآلوسيُّ عن
وجودِ اسمَيْن ليومِ الجمعة، وعن سببِ تغييرِه من يومِ العَروبة إِلى يومِ الجمعة،
وعن أَنَّ كَعْبَ بنَ لُؤَيٍّ أَؤَلُ مَنْ جَمَعَ قريشاً وخطبَ فيهم حولَ الكعبة، وكانَ هذا قبلَ ولادةِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - بعشراتِ السنين.
وبما أَنَ هذا القولَ لم يَثْبُتْ عندنا، فإِننا نتوقفُ فيه، فلا نُكَذِّبُه ولا نُصَدّقُه.
وَهَبْ أَنَّ القولَ صحيح، فإِنه لا يُؤَدّي إِلى النتيجةِ الخاطئةِ التي خرجَ بها
الفادي الجاهلُ منه!! وأَقْصى ما يَدُلُّ عليه أَنَّ يومَ الجمعةِ سُمِّيَ بذلك قبلَ
ميلادِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - بعشراتِ السنين، وأَنَّ العربَ الجاهليّين كانوا يَجتمعونَ فيه ويتحدَّثون ا! وأَينَ هذا من مشروعيةِ صلاةِ الجمعة، التي أَمَرَ اللهُ المسلمين أَنْ يُؤَدّوها فيه؟!.
نعمْ مصدرُ يومِ الجمعةِ عربُ الجاهلية، وهم سَمّوهُ بهذا الاسمِ قبلَ
الإِسلامِ بعشراتِ السنين، كما أَنهم سَمّوا باقي أَيام الأُسبوعِ بأَسمائِها في
ذلك الزمنِ البعيد..
ولم يَدَّعِ المسلمونَ أَنَّ اسمَ يومِ الجمعةِ جاءَ وَحْياً